دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

هيئة التائب

صفحة 14 - الجزء 1

  بهذه الصفة.

  فالعين تغمضها عن الحرام، فإنها جاسوس القلب، ثم الأذنان تمنعهما أن يوعيا الشر والخَنَا والنمائم والكذب، ثم اللسان خاصة، نزهه عن الكذب والغيبة والمجادلة والفضول والمقاولة والشبهات، فإنه معدن قرارة النفس، وهو ترجمان القلب. ثم البطن فاحفظه لا يدخله الحرام والسحت والشبهة والشهوات، فإن نور القلب وصفاه من طيب طعمة البدن. وأما الفرج فما دمت حابساً لبطنك من الامتلاء والشبع، فأنت قادر على حفظه.

  يا أُخَيَّ ... من كمال العزم قلة التسويف، ولزوم الصدق، وتمام النية، ومن تمام النية إخلاص العمل ..

  إن الإنسان الذي هو في صلاته قد يكون في طهارته محكماً، وفي ركوعه وسجوده محكماً، فظاهره طاهر، وباطنه محشو من الآفات والتخاليط، فمن خلَّط فقد اغتر واستعبده الهوى، وزين له شيطانه، وخيلت إليه نفسه الكذب صدقا، والباطل حقا، ولم يستحق اسم الإخلاصِ.

  ولو أن مؤمنا بلغ من كرامته عند الله أن يطير في الهواء، لم يزده ذلك إلا شدة وخوفاً واجتهاداً، وما ازداد إلاَّ خشية، ولا ازداد إلا عبادة وهيبة، وما جعل الله للخالص إلى الرخصة سبيلا، فمن كان لله أعرف، فهو له أخوف.

  فينبغي لمن أراد الإخلاص في عمله، ألاَّ تسكن روعته، ويكون خائفاً وجلاً حزيناً، وهذا إذا كان الخوف والحزن وافقهما القبول من الله ø، كان الخوف والحزن معدن للصفا، ومخ الإخلاص وبنيانه.

  والله أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، فإذا علم من قلبك صحة الإرادة، وإخلاص العمل، أوصلك إلى الخيرات، وهدى قلبك، ويسر أمرك، وجمع شملك، وهوّن عليك الصعوبة، وقمع عنك الشهوات، وبغَّض إليك الدنيا، وبصرك عيوبها، وصار عملك الصالح واجتهادك تلذذاً وحلاوة، وقَبِلَ اللهُ سعيك، وشكر عملك.