أوصاف المحبين
  لما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين(١): «عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك: أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك الله من كتابه وعلمك من سنة نبيه وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء قال الله سبحانه: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧].
  واعلم أن أيسر ما ارتكبت وأحق ما احتملت: أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يؤد حقا ولم يترك باطلاً، حين أدناك اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلَّما يصعدون فيك إلى ضلالهم، يدخلون الشك بك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهلاء.
  فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمّنك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ٥٩}[مريم]، فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فَدَاوِ دينَكَ فقد دخله سقم، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء والسلام».
  ويقول رسول الله ÷: «قال عيسى بن مريم للحواريين: تحببوا إلى الله ø، وتقربوا إليه، قالوا: يا روح الله بما نتحبب إلى الله ونتقرب إليه؟ قال: ببغض أهل المعاصي، والتمسوا رضا الله بسخطهم». ذكره الإمام أبو طالب # في (الأمالي).
  والآن أيها الأخوة نأتي لنتعرف على مكانة من يقوم بهذا الواجب العظيم الحب في الله، والبغض في الله، قال رسول الله ÷: «إن من عباد الله عباداً
(١) اسمه أبو حازم الأعرج ¥.