دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

مقام الشاكرين

صفحة 222 - الجزء 1

  والآن تعالوا معي لنكمل هذا الموضوع بالحديث عن الألفاظ المرادفة للشكر، من المدح والحمد ..

  فالذي يظهر من كتب اللغة: أن الحمد أعم الثلاثة؛ لأنه يطلق على الشكر وغيره، ويُحمد الفاعلُ المختار وغيرُه، ثم الشكر؛ لأنه مدح وزيادة، ثم المدح؛ لأنه لا يكون إلا باللسان، ولا يكون إلا على الفعل الاختياري⁣(⁣١).

  وما ورد مما يوهم المدح على غير الأفعال الاختيارية فليس بمدح، وإنما هو وصف مستحسن يفيد بيان حال الموصوف في الجودة، لكن ربما ظن من لا تمييز له بين الأوضاع اللغوية أن ذلك مدح فيُقال دفعاً لهذا الظن. ها هنا ألفاظ ربما تلتبس بعض معانيها ببعض فيطلق أحدها على الآخر لعدم معرفة الفرق بينها، وهي: الوصف، والثناء، والحمد، والشكر، والمدح.

  فأما الوصف: فيطلق على النعت، وعلى الإخبار عن الشيء بما يميزه، يقال: تواصفوا الشيء، إذا وصفه بعضهم لبعض، واستوصفه لدائه، إذا سأله أن يصف له ما يعالج به، وبيع المواصفة: بيع الشيء بصفة من غير رؤية للمبيع، وتطلق الصفة على الأعراض، كالعلم والسواد.

  وأما الثناء: فهو الوصف بمدح أو ذم، أو خاص بالمدح.

  وأما الحمد: فهو الشكر، والرضاء، والجزاء، وقضاء الحق، يقال: أَحمَدُ الأرضَ، وحَمِدَها أي صادفها حميدةً، وفلاناً رضي فعله ومذهبه ولم ينشره للناس، وحمد أمره صار عنده محموداً، ومنزل حَمْدٍ - أي محمود - والحمد ضد الذم.

  وأما الشكر: فهو عرفان الإحسان ونشره، ولا يكون إلا عن يدٍ، ومن الله المجازاة والثناء الجميل، ونقيضه الكفران.

  وأما المدح: فهو الثناء الحسن، وضده الذم، ومرادهم: أنه الثناء الحسن على


(١) مفتاح السعادة: ج ١/ ٥٥٣، وما بعدها.