دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 240 - الجزء 1

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)⁣(⁣١)

  في كتاب (الاعتبار وسلوة العارفين)⁣(⁣٢) للإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني #: «في بعض مواعظ أهل البيت $: أنَّ رجلاً جاءه - أي جاء إلى الإمام أمير المؤمنين، وسيد الزاهدين، ورائد الخاشعين، علي بن أبي طالب # - فقال: يا أمير المؤمنين، عظني؟ فقال: «لا تكن ممَّن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل، يقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى ولا ينتهي، ويأمر ولا يأتمر، يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم، ويبغض الظالمين وهو منهم، ويكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت له، إن مرض ظل نادماً، وإن صح أمن لاهياً، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، تغلبه نفسه على الظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، لا يثق من الدنيا على ما ضمن له، ولا يعمل من العمل بما فرض عليه، إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط ووهن، فهو من الذنب والنقمة موقراً يبتغي الزيادة ولا يشكر، يتكلف من الناس ما لم يؤمر، ويضيع من نفسه ما هو أكبر، يبالغ إذا سئل، ويقصر إذا عمل، يخشى الموت ولا يبادر الفوت، يستكثر من معصية غيره ما يستقل أكبر منه في نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحتقره من غيره،


(١) معظم الدرس مقتبس من كتاب (الوافد على العالم) مستقل، وهو مطبوع - أيضاً - ضمن (مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي [١٦٩ - ٢٤٦]. من هو الوافد؟ ومن هو العالم؟ سوف نترك الإجابة للمولى الحجة شيخ الإسلام، وإمام أهل البيت الكرام، العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي #، حيث قال في كتابه (لوامع الأنوار): «المشهور أن الوافد: قاموس آل محمد، محمد بن القاسم، والعالم: والده نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم، À أجمعين، وهو كتاب من جوامع العلم، وسواطع الحكم، كله سؤال من الوافد، وجواب من العالم».

(٢) الاعتبار وسلوة العارفين: ٥٧٥.