دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

مقدمة

صفحة 9 - الجزء 1

  مؤمَّل، وإن ترج فخير مرجوٍّ، وقد بسطت لي فيما لا أمدح به غيرك، ولا أثني به على أحد سواك، ولا أوجهه إلى معادن الخيبة، ومواضع الريبة، وعدلت بلساني عن مدح الآدميين، والثناء على المربوبين المخلوقين ..

  اللهم ولكل مُثْنٍ على من أثنى عليه مثوبةٌ من جزاء، أو عارفة من عطاء، وقد رجوتَك دليلاً على ذخائر الرحمة، وكنوز المغفرة ..

  اللهم وهذا مقام من أفردكَ بالتوحيد الذي هو لك، ولم ير مستحقاً لهذه المحامد والممادح غيرك، وبي فاقة إليك، لا يجبر مسكنتها إلا فضلك، ولا يُنْعِش من خَلِقِهَا إلا منّك وجودك، فهب لنا في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مد الأيدي إلى سواك، إنك على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

  يا أُخيَّ ... كنا صبياناً فلعبنا، فصرنا شباباً فسكرنا، فصرنا كهولا فكسلنا، فصرنا شيوخاً فعجزنا وضعفنا، فمتى نعبد الله ربنا، عطلنا الشباب بالجهالة، وأذهبنا العمر في البطالة، فأين الحجة والدلالة؟

  من غفل في وقت شبابه، ندم في وقت خضابه، الشباب لا يصبر على الصواب، ويندم عند الخضاب، ما أحسن الشاب في المحراب! إلى متى العصيان؟ إلى متى متابعة الشيطان؟ إلى متى الجرأة على الرحمن؟

  ألنا صَبْر على مقطعات النيران، ومجاورة الحنشان، ولباس القطران، وتهدد مالك الغضبان، وضرب الزبانية والأعوان؟! ألا بتزوّدٍ من هذا اليوم لذلك اليوم، وبتخلّصٍ من الهوان واللوم.

  أيها المغرور بشبابه، والمسرور بأصحابه، والمختال في أثوابه، أما تحذر أليم عذابه، وتخاف شديد عقابه، كم من وجه صبيح، وخد مليح، وبدن صحيح، ولسان فصيح، أصبح في العذاب يصيح، بين أطباق النار لا يستريح.

  كم من شاب ينتظر المشيب، عاجله الموت وأحل به النحيب، كم من مسرور بشبابه، أخذه الموت من بين أحبابه، إلى قبره وترابه.