[أقسام النظر وما هو الواجب منه]
  قال: والذي يدل على أن العلم بالله تعالى ليس بضروري(١) ما قد ثبت أنه يقع بحسب نظرنا على طريقةٍ واحدةٍ، فيجب أن يكون متولداً عن نظرنا، وإذا كان كذلك والنظر من فعلنا فيجب أن تكون المعرفة أيضاً من فعلنا؛ لأن فاعل السبب ينبغي أن يكون فاعلاً للمسبَّب، فيبطل أن يكون ضروريّاً ... إلى آخر ما ذكره # وقد استوفيناه في الشرح.
  (خلافاً للتَّعلمِيَّة(٢)) قال #: وهم فرقتان من الباطنية وغيرهم، وهما: القرامطة والصوفية، فقالوا: إن النظر والاستدلال بدعة، وكذا ذكره عنهم الأمير الحسين(٣) #.
  (قلنا) جواباً عليهم: (جهل المنعم مستلزم للإخلال بشكره على النعم؛ لأن توجيه الشكر إلى المنعم مترتب على معرفته ضرورة)؛ فيجب البحث عن المنعِم ليتوجه الشكر إليه، (والعقلُ يقضي ضرورةً بوجوب شكر المنعم و) يقضي (بقبح الإخلال به؛ فوجبت معرفته لذلك(٤)، ومعرفته) تعالى (لا تكون إلا بالنظر؛ لامتناع مشاهدته تعالى كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى(٥)، وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه)، كالقيام وفتح الباب في رد الوديعة، (وإلَّا وقع الخلل في الواجب) أي: يلزم من عدم وجوب ما لا يتم الواجب إلا به تركُ الواجبِ وإبطالُ وجوبِه، (وقد قضى العقل بقبحه) أي: ترك الواجب، (فتأمله) فإنه يوضح لك
(١) أي: في دار الدنيا. أصل في (ب)، وفي (أ): أي في الدنيا.
(٢) وسموا أهل هذه المقالة لأنهم يقولون: لا يجب علينا التعليم والنظر، بل هو حرام. من هامش (أ).
(٣) الأمير الحسين بن بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى اليحيوي الهادوي الحسني حافظ كبير مجتهد، نبغ في شتي العلوم، نشأته في جهات صعدة هجرة (رغافة) واشتهر بعلمه وتصانيفه، وامتد عمره إلى زمن أخيه الإمام الحسن بن بدر الدين، وتوفي سنة ٦٦٢ هـ، ومن مؤلفاته: شفاء الأوام وغيره. (من أعلام المؤلفين باختصار).
(٤) أي: لتوجيه الشكر إليه. (ش ك).
(٥) في مسألة الرؤية. من هامش (ب).