[أقسام النظر وما هو الواجب منه]
  ادعوه (لزم بطلانه بالدور أو الكفر؛ لأن المكلفين إمَّا أن يجب عليهم النظر في صحة دعوة الأنبياء $) للنبوة (أوْ لَا) يجب عليهم.
  (الأول) وهو وجوب النظر في صحة دعوى الأنبياء $ للنبوة (دور) محض؛ (لأنه لا يجب النظر) عندهم (إلا بالسمع، والسمعُ لا يثبت إلا بالنظر) في صحة دعوى النبوة، فإذا صَحَّت النبوة(١) صَحَّ السمع؛ فتقف معرفة السمع على معرفة النبوة التي لا تثبت إلا بالنظر في معجزات الأنبياء $، وتقف معرفة النبوة والنظرُ في المعجزات على معرفة السمع، وهذا حقيقة الدور، وهو كما ذكره الرازي تكليف ما لا يطاق [عندهم(٢)]، وهم يلتزمونه.
  (والثاني) أي: القول بعدم وجوب النظر في معجزات الأنبياء $ (تصويب لمن أعرض عن دعوة الأنبياء $؛ إذ لا واجب عليه(٣)) يلزمهم الإتيان به، (وذلك كفر؛ لأنه ردٌّ لما جاءت به الرسل، وما علم من دين كل نبيءٍ ضرورة) أي: وَرَدٌّ لما علم من دين كل نبيءٍ بضرورة العقل.
  قال (أئمتنا $ والجمهور) من المعتزلة وغيرهم: (وهو) أي: النظر الموصل إلى معرفة الله سبحانه (فرضُ عينٍ) يجب على جميع المكلفين من رجلٍ وامرأةٍ، وحر وعبدٍ؛ لِما سنذكره إن شاء الله تعالى.
  وقال أبو إسحاق النصيبيني، وهو (ابن عياش(٤) و) أبو القاسم (البَلْخِي، و) عبيد الله بن الحسن (العنبري(٥)، ورواية عن القاسم) بن إبراهيم (#)
(١) لأنها طريق إليه. (ش ك).
(٢) ساقط من الأصل، وثابت في (أ، ب).
(٣) كذا في (ش ك)، وفي النسخ الثلاث: عليهم.
(٤) هو إبراهيم بن عياش البصري من الطبقة العاشرة من المعتزلة، قال القاضي: وهو الذي درسنا عليه أولاً وهو من الورع والزهد والعلم على حد عظيم، له كتاب في إمامة الحسن والحسين @ وفضلهما، وكتب أخرى حسان. (المنية والأمل باختصار).
(٥) هو عبيدالله بن الحسن بن الحصين العنبري، مات سنة ثمان وستين ومائة. (طبقات الفقهاء). وفي تاريخ بغداد: أنه كان قاضياً على البصرة وأن مولده سنة ١٠٠، وقيل: ١٠٦.