عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[أقسام النظر وما هو الواجب منه]

صفحة 104 - الجزء 1

  في عقائدهم، (فالمخطئ) في اعتقاده (جاهل به) أي: بالله تعالى، (والجاهلُ به تعالى كافر إجماعاً، وتقليد الكافر في كفره كفرٌ إجماعاً)، بل هو أقبح من كفر الكافر من جهتين: الجهلِ بالله تعالى، وتقليدِ الكافر في كفره، والتقليدُ مطلقاً مذموم عقلاً وسمعاً.

  (و) أما قول من قال: إنه يجوز تقليد المحق - فالجواب عليه أن نقول: (لا يحصل العلم بالمحق إلا بعد معرفة الحق) كما قال علي # للحارث بن حُوط: (يا حار، إنه لملبوسٌ عليك، إن الحق لا يُعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق، فاعرف الحق، تعرف أهله ...) إلى آخره، (ولا يُعرف الحق إلا بالنظر) والاستدلالِ؛ (فيمتنع التقليد حينئذٍ).

  قال الإمام يحيى # في الشامل: اعلم أن الناس بالإضافة إلى معرفة الله سبحانه على خمس مراتب:

  المرتبة الأولى: الإقرار بها باللسان من غير اعتقادٍ لها لا عن دلالةٍ ولا غيرها، بل النطق باللسان فقط، وفائدةُ الإقرار هو البراءةُ عن الشرك، وإحرازُ الرقبة عن القتل، وتحصينُ الأموال عن الأخذ إلا بحقها، ويثبت لقائلها أحكام الإسلام في الظاهر، وحسابهم على الله تعالى.

  قلت: ولا شك في هلاك هذه الطائفة له.

  قال: المرتبة الثانية: اعتقاد مضمون هذا الإقرار بالتقليد، وهذه حالةُ كثيرٍ من الخلق ممن قَصُرَ عن بلوغ مراتب النظر والوصول إلى حقيقته، قال: وهؤلاء هل يكونون سالمين في الآخرة أم لا؟ فيه خلاف بين المتكلمين، فالأكثر منهم على أنهم ناجون، ومنهم من قطع بهلاكهم. قال: والمختار عندنا أنهم ناجون؛ لأنهم مُصَدِّقون بالله تعالى وبرسوله واليوم الآخر، وجازمون بصحة هذه الأمور وإن عدموا السكون للقلب والطمأنينة له.

  المرتبة الثالثة: العلم بهذه الأصول على سبيل الجملة، وهذا هو الذي يكون من أصحاب الجُمَل فإنهم يعلمونها بأوائل الأدلة ومبادئها، وهذا كافٍ في إحراز المعرفة