عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[معرفة الاستدلال والشبهة]

صفحة 109 - الجزء 1

  مثال الأول: أن يستدل الخصم على جواز استقبال القبلة بالبول والغائط بما رواه ابن عمر أنه قال: اطَّلعت على النبيء ÷ وهو يقضي حاجته محجوراً عليه بلَبِنٍ وهو مستقبل القبلة، بعد الاتفاق بيننا وبين الخصم أن النبيء ÷ قد نهى قبل ذلك عن استقبال القبلة بالبول والغائط - فنقول: إن صحت رواية ابن عمر ما دلت على الجواز؛ لجواز أن يكون فعلُه في استقبال القبلة بالبول والغائط خاصّاً به أو لعذرٍ أو نحو ذلك؛ لأن فعل النبيء ÷ المعارِضَ لقوله لا يكون نسخاً لقوله العام للمكلفين على مذهب الخصم، بل يكون فعله: إما تخصيصاً⁣(⁣١) وإخراجاً لنفسه ÷ من العموم، أو نسخاً في حقه⁣(⁣٢) فقط، أو تكون الحالةُ حالةَ ضرورة⁣(⁣٣).

  ومثال الثاني: أن يستدل الخصم على جواز أكل القريط بظاهر قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}⁣[البقرة: ٢٩] - فيبطل قوله بالقياس على الخمر، بجامع الإسكار، والقياسُ وإن أفاد الظن⁣(⁣٤) في بعض الصور فإنه قد دل الدليل القاطع على وجوب العمل به كما هو مقرر في موضعه.

  (لا بغيرهما) أي: لا بغير الدليل القطعي، والدليلِ الذي يستلزمه الخصم أو يدل على صحة كونه دليلاً دليلٌ قاطع - من سائر الأدلة التي ليست قطعية ولا يستلزمها الخصم ولا يدل على صحة كونها دليلاً دليلٌ قاطعٌ.

  مثاله: الاستدلال على وجوب الزكاة في القليل والكثير بالآية: {وَآتُوا حَقَّهُ


(١) حيث لم يتراخ.

(٢) إن تراخى.

(٣) فحينئذٍ بطل احتجاج الخصم بما رواه ابن عمر وتعين كونه شبهة بالدليل المستلزم له. (ش ك باختصار).

(*) في الأصل: ضرورية.

(٤) صوابه: وإن لم يفد إلَّا الظن. من هامش (ب).