[الجواب على من قال بتأثير غير الفاعل]
  (وإما لا دليل عليه رأساً) أي: لا دليل على وجوده فضلاً عن تأثيره، (وذلك) هو (المقتضي) الذي جعلوا تأثيره كتأثير العلة، وهو الصفة الأخص، وكذلك الكون الذي ادَّعوا تأثيره في الكائنية (مع ما مرَّ) ذكره (من بطلان تأثيره) أي: قد ذكرنا فيما سبق بطلان تأثير المقتضي، وذلك لو فرضنا وجودَه وإلَّا فالحق أنه لا وجود له؛ ولهذا قال #: (وأيضاً هو(١) مُتَلَاشٍ) أي: يؤول إلى العدم؛ (لأنه إمَّا موجود، أو معدوم، أوْ لَا موجود ولا معدوم، ليس الثالث) أي: القسم الثالث، وهو لا موجود ولا معدوم؛ (إذ لا واسطة بين الوجود والعدم، ولا الثاني) وهو المعدوم؛ (إذ لا تأثير للمعدوم، والأول) أي: القسم الأول، وهو الموجود: (إمَّا قديم، أو محدث، أوْ لَا قديم ولا محدث، ليس الثالث؛ إذ لا واسطة إلا العدم، ولا تأثير له كما سبق، ولا الثاني) وهو المحدث؛ (لأنه) أي: المقتضي (مؤثر في صفات الله تعالى بزعمهم) أي: البهشمية (فيلزم أن تكون صفات الله تعالى محدثةً؛ لحدوث مؤثرها - وسيأتي بطلان ذلك(٢) إن شاء الله تعالى - مع أنهم لا يقولون بذلك، وحاشاهم(٣)، ولا الأول) وهو كونه قديماً؛ (لأنه يلزم أن يكون قديماً مع الله - تعالى الله عن ذلك - وسيأتي بطلانه، مع أنهم لا يقولون بذلك، وحاشاهم) عن القول به.
  واعلم أن بعض المعتزلة قد وَسَّعَ القول في المؤثرات، وصنَّف فيها كتباً مستقلة، واصطلح فيها على أشياء لا تُعقل ولا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا عقل، وأصل هذه التوغلات من الفلاسفة، قال الإمام يحيى # في الشامل: واعلم أنَّ كل مادة الشكوك والشبهات في جميع الملل والأديان الكفرية المخالفة لملة الإسلام
(١) أي: المقتضي. (ش ك).
(٢) أي: بطلان كون صفاته تعالى محدثة في ذكر صفاته تعالى. (ش ك).
(٣) أي: تنزيهاً لهم عن القول بحدوثها. (ش ك).