عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر بعض الأدلة على حدوث العالم ومنها دليل الإمكان]

صفحة 137 - الجزء 1

  الزيادة فيهما والنقصان منهما؛ لأنهما من جنس الزيادة والنقصان⁣(⁣١)، فكما جاز وجودُهما ووقع كذلك الزيادة عليهما والنقصان منهما لا يستحيل إمكانه، بل هو ملازم لهما، (و) كذلك (التحويل والتبديل، والجمع بينهما، وتفريقِ كلٍّ منهما) أي: يحكم العقل بأنهما لم ينفكا عن إمكان ذلك؛ لأن الذي تعلقت قدرتُه بإيجادِهما ووضعِهِما في موضعهما تعلّق قدرتُهُ أيضاً بالتحويلِ والتبديلِ والجمعِ والتفريقِ، وهذا الإمكان ملازم لهما، وليس ذلك إلا لكونهما مقدورين، ولا يكونان مقدورين إلا بعد تقدم القادر عليهما؛ إذ لو لم يكونا مقدورين لم يحكم العقل بإمكان ذلك كله، ولم يعقله. بيانه قوله #: (فهما مع ذلك الإمكان: إمَّا قديمتان) لا أول لوجودهما، (أو محدثتان) قد سبقهما العدمُ ومحدِثُهُما، ولا ثالث لهذه القسمة يعقل.

  (ليس الأول) وهو أن يقال: هما قديمتان؛ (لأنا قد علمنا ضرورة أنهما لا يُعقلان منفكين عنه) أي: عن ذلك الإمكان؛ لمعرفتنا بأن لهما حدوداً، وكلُّ ذي حدٍّ لا يختلف العقلاء في تعلق قدرة القادر عليه بالزيادة والنقصان ونحوهما، (وكل ذي حالةٍ لا يعقل منفكاً عن حالته) تلك التي لم يعقل إلا عليها فإنَّه (يستحيل ثبوته منفكاً عنها) أي: عن حالته التي لم يعقل إلا عليها؛ لأنها حالة لازمة له، (كالعمارة) وهي: ضم الأحجار بعضها إلى بعض، (فإنه يستحيل وجودها منفكة عن إمكانها) أي: إمكان العمارة، فإنها لا تُعقل إلا ممكنة؛ وما ذاك إلا لتقدم صانعها عليها، وكونها مما تعلق به قدرته، (وكالمستحيل) من الأشياء فإن له حالة، وهو: كونه لا يمكن وجوده (فإنه يستحيل تخلفه عن عدم إمكانه)؛ لأنه لا يُعقل إلا لازماً لعدم الإمكان، كوجود الليل والنهار في وقت واحد، واجتماعِ السواد والبياض في محل واحد، (فلو كانتا قديمتين لكانتا


(١) أي: من جنس ما يزاد فيه وينقص منه. تمت سيدي شرف الإسلام الحسين بن القاسم #. من هامش (ب).