فصل: في ذكر صفات الله العلى وأسمائه الحسنى
  وقد أشار الإمام # إلى ذكر صفاته تعالى بقوله: (ولا بد أن يكون المُحْدِثُ لِلْعَالَمِ موجوداً؛ إذ لا تأثير للعدم) يُعرف ذلك عند العقلاء ضرورة.
  قال الفقيه العلامة فخر الدين عبد الله بن زيد العنسي(١) ¦ ما لفظه: واعلم(٢) أنَّا إذا دَلَلْنَا على إثبات صانعٍ مختارٍ كفانا ذلك الدليل في أن الله تعالى موجودٌ قديمٌ قادرٌ عليمٌ حيٌّ، بحيث لا دليل لنا على هذه الأوصاف التي هي أوصاف الكمال سوى حدوث العالم وحاجته إلى مُحدِثٍ فاعلٍ مختارٍ؛ لأنه لا يصح أن يكون فاعلاً مختاراً إلا وهو قادرٌ على ما خلق وعالمٌ بذلك؛ لِمَا في حدوث العَالَمِ من الإحكام الذي قد بَيَّنَّا بعضه الدال على علمه، وحيٌّ؛ بحيث لا يُعقل أن يكون مَوَاتاً وهو قادر عالم فاعل مختار، وموجود؛ لأن المعدوم لا يكون فاعلاً مختاراً، ويُعلم ذلك ضرورة.
  قال: وإنما أردنا التقريب بأن نجري تأنيساً على عادة أصحاب أبي هاشم في أنهم يذكرون هذه الأوصاف فصولاً بعد إثبات الصانع ويعتقدون أن إثبات الصانع دلالة مجملة لم يتعَّين بها اختصاصه تعالى بكونه قادراً عالماً حيّاً موجوداً؛ لاعتقادهم أنها صفات مقتضاة عن الصفة الذاتيَّة لا(٣) يمكن العلم بها إلا بنظر جديد؛ فلهذا فصَّلوا هذه الفصول.
  قال: ونحن لا نعتقد الصفةَ الذاتيةَ ولا المقتضاةَ، ولا أن بعض الصفات تؤثر
(١) عبدالله بن زيد بن أبي الخير العنسي، هو العلامة إمام الزهاد، ورئيس العباد، ولسان المتكلمين، وشحاك الملحدين، مفخر الزيدية، بل مفخر الإسلام، صنف في الإسلام كتباً عظيمة النفع، ذكر بعضهم أن كتبه مائة كتاب وخمسة كتب، ما بين صغير وكبير، وله في نصرة الإمام الأعظم المهدي لدين الله أحمد بن الحسين سلام الله عليه اليد الطولى، والسهم المعلى، وكان # لا يعدل به أحداً، ويسميه داعي أمير المؤمنين. قبره بكحلان تاج الدين، قبلي البركة التي تسمى رحبة، مشهور مزور. (لوامع الأنوار باختصار).
(٢) في الأصل: بدون واو.
(٣) في (أ): لم.