فصل: في ذكر صفات الله العلى وأسمائه الحسنى
  الله سبحانه وتعالى يفوض إلى أحدٍ مِن خلقه أن يخلق ويرزق كما فوَّض عندهم إلى نبيئنا(١) ÷، فهو عندهم خالق العالَمِ ومَنْ فيه، (وكل منهما) أي: من التسلسل أو التحكم (معلوم البطلان)؛ لأن العقل يقضي ضرورةً ببطلان مُحْدثٍ يُحْدِثُ مُحْدِثاً إلى ما لا نهاية له، وكذلك الاقتصارُ على مُحدِثٍ يُحدِثُ مُحدِثَ العالم بلا حجة معلومة لا ضرورةً ولا استدلالاً إلَّا مجرد دعوى باطلة.
  (قادراً) على كل الممكنات؛ (لأن الفعل لا يصح إلَّا من قادر) يعلم ذلك (ضرورةً) وهو تعالى القادر حقيقة؛ لأنه تعالى قادر لا بقدرة مجعولة له، وغيرُهُ تعالى من القادرين قادرٌ مجازاً، لأنه قادر بقدرةٍ جعلها الله له، فهو على الحقيقة مُقْدَرٌ.
  ولهذا الفرق الذي ذكرناه وقع الخلاف(٢) في مقدورِ المخلوق ومقدورِ الخالق، فمقدور الخالق: الأجسام والأعراض، ومقدور المخلوق: نحو الحركة والسكون فقط.
  (حيّاً؛ لأن الجماد لا قدرة له) يُعلم ذلك (ضرورة) وهو سبحانه الحي حقيقة؛ لأنه حيٌّ لا بحياة، وغيره حيٌّ مجازاً؛ لأنه على الحقيقة مُحْيَا كما ذكرنا مثله في القادر. ومعنى الحي في حقه تعالى: أنه الذي يجوز منه الفعل والتدبير.
= مباشرة خلق السموات والأرض من الله تعالى بل استحالة تأثيره تعالى مباشرة في أكثر من شيء واحد وأنه لا يمكن أن يؤثر في خلق السموات والأرض إلا عبر وسائط وأسباب مثل تأثيره - تعالى - في أفعال العباد وبهذا يلزم أن يكون تعالى عاجزاً عن خلقها مباشرة، ومحتاجاً إلى الأسباب والوسائط تعالى عن ذلك علواً كبيراً. وأيضاً هذه الأقوال مجرد دعاوى وخيالات لا دليل عليها فهي عاطلة باطلة. وأيضاً قد أجاب أئمتنا $ على الفلاسفة الملحدة في قولهم بالعلة وأنه لا يصدر عنها إلا معلول واحد وهذا أيضاً جواب على هؤلاء المفوضة. وأيضاً مما علم من الدين ضرورة ودلت عليه صرائح آيات الكتاب الكريم أن الله تعالى خالق السموات والأرض ولا خالق لها غيره. وهذه المسألة واضحة البطلان.
(١) «محمد». من (أ، ب).
(٢) في (أ، ب): الاختلاف.