عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: في ذكر صفات الله العلى وأسمائه الحسنى

صفحة 158 - الجزء 1

  (عالِماً) وهو جل وعلا العالم حقيقة لا بعلم، وغيرُهُ عالِم بعلم كما سبق مثله في قادر؛ (لأنَّا وجدنا العالَم محكماً رَصِينَ⁣(⁣١) الإحكام) ولا يخفى إحكامُ العالَمِ وإرصانُه واشتمالُه على ما لا يُحصى من الآيات الباهرة الدالة على الحكمةِ البالغةِ على ذوي العقول (على اختلاف أصنافه وتباينها مُمَيَّزاً كلاً منها عن الآخر أكمل تمييز، نحو إحكام خلق الإنسان) وتركيبه بعد أن كان أصله⁣(⁣٢) تراباً ونسله نطفة أمشاجاً من لحم ودم وعظم وعصب وعروق تركيباً بليغاً في الحكمة. قيل: إن عظام الإنسان ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون عظماً، وعروقه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون عرقاً. انظر إلى المفاصل وشدة أسرها فلم تكن عظماً واحداً فيبطل التصرف من الانقباض والانتشار، والقيام والقعود، ولم تكن رخواً فيبطل ذلك.

  (وتمييزه بذلك) الإحكام (عن نحو إحكام خلق الأنعام) وهي الأزواج الثمانية، وكذلك غيرها من سائر المخلوقات، من ذلك: أنه لا يشتبه اثنان من الآدميين وما يملكون من الحيوان على كثرتهم وتباينهم في الأقطار في صورة الوجه ولهجة الأصوات، ولو اشتبه من الناس اثنان أو امرأتان لوقع الفساد، وكذلك ما يملكون من الأنعام ونحوها، ولَمَّا لم يكن في الطيور وما لا يُمْلك من الحيوان شيء من الفساد لو تشابهت جاز أن يشتبه منها اثنان أو أكثر، فتبارك الله أحسن الخالقين.

  (وذلك) الإحكام (لا يكون إلا من عالم ضرورة) أي: معلوم كونه من عالم بضرورة العقول التي فطرها الله عليها، (وليس ذلك إلا الله سبحانه وتعالى) العالِمُ بِما تُخفي الصدور وما في قعور البحور.

  تنبيه: اعترض⁣(⁣٣) بعضهم على كلام الأئمة $ في هذا الموضع فقال:


(١) الرصين: المحكم الثابت، وأرصنته: أحكمته. ذكره في الصحاح. (ش ك).

(٢) وهو آدم. (من هامش ب).

(٣) اعلم أن منشأ هذا الاعتراض عدم التحقيق للمراد، وإنما قصد أهل التوحيد أن القادر والعالم =