عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: في ذكر صفات الله العلى وأسمائه الحسنى

صفحة 159 - الجزء 1

  المعلوم أن قولنا: «زيد عالم وزيد قادر» حقيقةٌ لغوية كقولنا: «ضارب وقاتل»، مع أنه يلزم من القول بأن ذلك مجاز في المخلوق الجبرُ، وهو معلوم البطلان.

  والجواب - والله الموفق -: أن المعلوم عند كل عاقل مستقرئ للغة العرب أن معنى قولنا: «زيد قادر»: بقدرة خلقها الله تعالى له، و «زيد عالم»: بعلم خلقه الله له؛ لأنه لم يَصِرْ عالماً ولا قادراً إلا بحصول العلم والقدرة، عُلِمَ ذلك باستقراء لغة العرب، وعُلِمَ أنهم لا يشتقُّون اسم فاعل إلَّا من الفعل الذي يفعله من اشتُقَّ له، وإن لم يفعله مَنْ اشتُقَّ له بل فعله غيرُه به اشتقوا له اسم مفعول، فيقولون لمن وقع الضرب به من غيره: «مضروب» ولا يقولون: «ضارب»، وهذه قاعدة لا يختلف فيها العارفون بلغة العرب، فإذا ثبت أن معنى «زيد قادر»: بقدرة خلقها الله له، و «زيد عالم»: بعلم، أي: عقل خَلَقَه اللهُ له فهو على الحقيقة مُقْدَرٌ ومُعْلَمٌ، أي: جعله الله يَقْدِرُ ويَعْلَمُ، ولا يلزم الجبر؛ لأن القدرة غيرُ موجِبةٍ للمقدور، وليس كذلك «ضارب وقاتل» فإنهما حقيقةٌ؛ لأن الضربَ والقتلَ فعلُ زيدٍ حقيقة بتمكين الله له من ذلك، فهو الذي فعل الضرب والقتل حقيقةً اللذَيْنِ اشتُقَّ ضاربٌ وقاتلٌ منهما، بخلاف القدرة والعلم فلم يفعلهما، لكن لَمَّا كان محلاً لهما ساغ بإذن الشارع أن يُشْتَقَّ له منهما اسم فاعل، فيقال: «قادر وعالم» مجاز، كما يقال: «التراب منبت للبقل».

  فإن قيل⁣(⁣١): استعماله في المخلوق من غير قرينةٍ دليلٌ على أنه حقيقة.


= مثلاً في الشاهد ليسا قادرين وعالمين على الحقيقة، أي: في نفس الأمر والواقع، بل هما يقدران ويعلمان بقدرة وعلم من الله ø، وأما كونهما حقيقتين لغويتين فلا ننكر ذلك؛ لأن المعتمد فيه الوضع اللغوي مع الاستعمال؛ فظهر أن النزاع هنا في غير محله، وأنه خروج عن المطلوب، فتدبر، والله الموفق. كتبه المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد المؤيدي غفر الله لهم. (هامش أ).

(١) يقال: وإن كان حقيقة لغوية فلا يلزم أن يكون في نفس الأمر موجداً لهما، فبين الحقيقة اللغوية - وهي اللفظ المستعمل في الموضوع له - وما الكلام فيه فرق جليٌّ وبون قصيُّ، فإن الواضع لو =