فرع: (والله تعالى سامع مبصر):
  وقولهم: «إنها متجددة» يناقض قولَهم: «إنها تشارك الأربع في الوجوب»؛ لأن الواجب لذاته بزعمهم غيرُ متجددٍ.
  ومما يؤكد بطلانَ قَوْلِهم ما حكاه في الشامل عن أبي القاسم بن سهلويه(١) أنه قال: إن الله تعالى لا يُدْرِكُ الألم واللذة، قال: لأن الألم واللذة لا يُدركان إلَّا بمحل الحياة في محل الحياة، وهذا محالٌ في حقه تعالى، قال: ولأنه لا حكم لإدراك الألم إلَّا مع النفرة، ولا حكم لإدراك اللذة إلا مع الشهوة، والله تعالى يستحيل في حقه الشهوة والنفار. انتهى.
  قلت: وهذا حق، فإذا ثبت استحالة ذلك في اللذة والألم ثبت في غيرهما من المدركات كما ذكرنا من قبل.
فرع(٢): (والله تعالى سامعٌ مبصرٌ):
  قال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية: وهما بمعنى عالم كما مَرَّ).
  وقال (بعض أئمتنا $ وبعض شيعتهم) وهم من تقدم ذكرهم (والبصرية: بل هما) أي: سامع مبصر (صفتان له حين يُدرك المسموعَ والْمُبْصَرَ بالحياة، كمَا مَرَّ لهم).
  (لنا: ما مَرَّ عليهم).
  اعلم أنه لا فرق عند أئمتنا $ ومن وافقهم بين سميع وبصير، وسامع ومبصر أنها بمعنى عالم، وأما المخالفون لهم فقالوا: يوصف الله تعالى بأنه سميع بصير في الأزل، بمعنى: أنه يصح منه الإدراك بالحياة كما مَرَّ لهم، ولا يوصف بأنه سامع مبصر في الأزل، بل حين يدرك المسموع والمبصر بالحياة، وله بذلك حالةٌ(٣) متجدِّدة، وليس
(١) أبو القاسم بن سهلويه من أهل العراق وكان يشار إليه في جودة البيان وقوة النظر وكان حسن القراءة للقرآن، من الطبقة العاشرة من المعتزلة. (المنية والأمل باختصار).
(٢) يتفرع على مسألة سميع بصير.
(٣) في الأصل: حال. وفي (أ، ب): حالة.