(فرع): [والله تعالى لا تدركه الأبصار]:
  مِنْ نُورِكُمْ}) أي: نستضيء بنوركم فنمشي في ضوئه معكم؛ لأن المؤمنين يُسرع بهم إلى الجنة ونورهم يسعى بين أيديهم، والأشقياءُ في ظلمةٍ شديدةٍ.
  فقوله تعالى: {انْظُرُونَا} (أي: انتظرونا، و) مثل (قوله تعالى: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} أي: انتظرنا)؛ وذلك أن المؤمنين كانوا إذا ألقى عليهم رسول الله ÷ شيئاً من العلم يقولون: راعنا، أي: انتظرنا وأمهلنا حتى نتفقه، وكان لليهود كلمةٌ يتسابُّون بها وهي: «راعنا»، فلمَّا سمعوا من المسلمين [قول(١)] «راعنا» غنموا الفرصة وخاطبوا الرسول بها وعَنَوا كلمتَهم المسبَّة، فَنُهِيَ المسلمون عنها وأُمروا بما في معناها، وهو «انظرنا» - أي: انتظرنا - (وقال الشاعر) وهو حسان بن ثابت(٢):
  (وجوهٌ يوم بدرٍ ناظراتٌ ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص)
  أي: منتظرة، ونحو ذلك كثير.
  (و) أما (الخبر) الذي احتجوا به فهو مع كونه مصادماً لأدلة العقل (مقدوحٌ فيه) أي: قد قدح فيه علماء الحديث وذكروا أنه مكذوب على النبيء ÷؛ وذلك أنه روي عن قيس بن أبي حازم(٣)، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال السيد مانكديم #: وقيس هذا مطعون فيه من وجهين:
  أحدهما: أنه كان يرى رأي الخوارج، ويُرْوَى أنه قال: منذ سمعت عليّاً على منبر الكوفة يقول: (انفروا إلى بقية الأحزاب) - يعني أهل النهروان - دخل بغضُه في قلبي. ومن دخل بغض أمير المؤمنين في قلبه فأقل أحواله أن لا يُعتمد على قوله.
(١) مثبت في (أ).
(٢) حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي، من فحول الشعراء في الجاهلية والإسلام. مات قبل الأربعين في خلافة علي #، وقيل: سنة خمس وأربعين وله مائة وعشرون سنة، وكان عثمانياً. (لوامع الأنوار باختصار).
(٣) قيس بن ابي حازم البجلي الأحمسي الكوفي، من مبغضي الوصي وقد صرح بذلك وكان من أعوان بني أمية وطعن في روايته أئمتنا منهم الأمير الحسين والقاسم بن محمد والسيد مانكديم وغيرهم، توفي سنة ثمان وتسعين، قال إسماعيل بن ابي خالد: كبر حتى جاوز المائة وخرف. (الجداول الصغرى باختصار).