عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[حصر علاقات المجاز]

صفحة 242 - الجزء 1

  والمراد أن في هذه الأنواع المعدودة علاقةً، وهي كون العصير يؤول إلى الخمر ونحو ذلك؛ لا أن تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه هو نفس العلاقة، والله أعلم. وهذا هو النوع الثاني.

  والثالث: عكسه، وهو قوله: (أو) تسمية الشيء (باسم ما كان عليه) في الماضي، (كالعبد للعتيق) أي: لمن قد أُعتق، ومنه قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء: ٢]؛ إذ لا يُتْمَ بعد البلوغ.

  والرابع: قوله (أو) تسمية الشيء (باسم محله، نحو: «سال الوادي») فسُمي الماءُ السائلُ باسم محله - وهو الوادي - ونسب السيلان إليه وهو⁣(⁣١) في الحقيقة للماء، ومن هذا قولهم: «جَرَى الميزاب».

  والخامس: (أو العكس)، وهو تسمية المحل باسم الحالِّ، (نحو) قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ (فَفِي رَحْمَةِ الله}) [آل عمران: ١٠٧]، أي: ففي موضع رحمة الله وهي جنة الخلد. والمراد بالرحمة هنا: ما يُسْدِيه الله سبحانه إلى عباده من النِّعم، أطلق عليها اسم الرحمة مجازاً.

  والسادس: (أو) تسمية الشيء (باسم سببه، نحو: «صليت الظهر») أي: الفريضة التي سببُ وجوبها حصولُ وقتِ الظهر، ومن ذلك: «رعينا الغيث»، أي: النبات الذي سببه الغيث.


(١) هذا يقضي بأنه من المجاز العقلي، أي: المجاز في الإسناد، حيث جعل النسبة إلى الوادي وليس كذلك، إنما التجوز في تسمية الماء وادياً، وهو مجاز لغوي حيث نقل لفظ الوادي إلى الماء، وأما الإسناد فهو حقيقة؛ لأن المراد نسبة السيلان إلى الماء، فهو إسناد إلى ما هو له، أما لو أراد نسبة السيلان إلى الوادي وهو باق على حقيقته لكان كما ذكر، ويصير مجازاً عقلياً، ولكنه يخرج من هذا الباب فلا يكون شاهداً، وقد ذكر ذلك أهل المعاني، وكلا المعنيين صحيح، والفرق بينهما واضح، وانما يختلف بالاعتبار، وللاشتباه بين المجازين العقلي واللغوي، وقد عد السكاكي المجاز العقلي من الاستعارة بالكناية كما هو مبسوط في محله، والله المسدد. كتبه المفتقر إلى ربه تعالى مجدالدين بن محمد المؤيدي عفا الله عنه.