[تفسير بعض الآيات التي توهم التشبيه]
  من أقسام الحقيقة - وإن كان في المعنى كالنكرة -؛ لما بينهما من تفاوت، وهو أن النكرة معناها بعضٌ غير معين من جملة الحقيقة وهذا معناه نفس الحقيقة، وإنما تستفاد البعضيَّة من القرينة، كالدخول والأكل في المثالين، فالمجرد وذو اللام بالنظر إلى القرينة سواءٌ وإلى أنفسهما مختلفان، ومشابهتُهُ للنكرة في بعض الوجوه لا تخرجه عن كونه حقيقةً، [والله أعلم](١).
[تفسير بعض الآيات التي توهم التشبيه]
  قال #: (إذا عرفت ذلك) أي: ما سبق ذكره في التمهيد (امتنع أن يجري لله) تعالى (من المجاز ما يستلزم علاقته التشبيه)؛ لِمَا ثبت من أنه تعالى لا يشبه شيئاً. (وأمَّا) ما جاء من نحو الآيات التي توهم التشبيه، (نحو قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}) [القصص: ٨٨]، ونحوها مما ذكر فيه الوجه المراد به ذات الله سبحانه وتعالى (فعلاقته الزيادة في القول)، كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، والمعنى: كل شيء هالك إلا إياه، (لا) أنَّ إطلاق لفظ الوجه عليه سبحانه وتعالى (من تسمية العام باسم الخاص) أي: لا من تسمية الكل باسم الجزء؛ لاستحالة تشبيهه تعالى بالأجسام التي لها عموم وخصوص أو بعضٌ وكل.
  (وأما قوله تعالى:) {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، وقوله تعالى): {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المادة: ٦٤]، وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤]، وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] - فالعلاقة) في هذه الآيات (المشاكلةُ في القول) تحقيقاً أو تقديراً كما مَرَّ، (عبَّر) الله ø (عن قدرته تعالى في) الآية (الأولى بقوله: {بِيَدَيَّ}؛ لتشاكل كلمة اليد المقدَّرةِ) في اللفظ المقدَّر وهي الجارحة المعروفة (الخاطرة بذهن السامع عند سَمَاعِهِ لقوْلِهِ تعالى {خَلَقْتُ} لمَّا كان المخاطب لم يشاهد مزاولة صنع) أي: إحداث صنع (إلا
(١) من (نخ).