[تفسير بعض الآيات التي توهم التشبيه]
  باليدين، ونظيرُهُ) أي: نظير قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ({صِبْغَةَ اللهِ} كما مَرَّ) تحقيقه، ونحو قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} الآية [يس: ٧١].
  (وعبَّر) ø (عن نعمته تعالى في) الآية (الثانية) - وهي قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} - (بكلمة اليدين؛ ليشاكل كلمةَ اليدِ المذكورة فيما حكاه الله عن اليهود) لعنهم الله (حيث قالوا: {يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا})، ومعنى قوله: «مغلولة» أي: مقبوضة عن العطاء. قال في الكشاف: وليس قصدهم الجارحة وإنما قصدوا الكناية عن البخل. (ونظيره: قلت اطبخوا لي جبة وقميصاً)، في البيت السابق.
  (وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} كالأول) أي: المشاكلة في القول تقديراً؛ لأنه تعالى (عبَّر عن حفظه للسفينة)، أي: سفينة نوح صلى الله تعالى عليه (بقوله:) {تَجْرِي (بِأَعْيُنِنَا} مشاكلة لكلمة العين المقدَّرة)، وهي الجارحة (الخاطرة بذهن السامع؛ لمَّا كان لا يتم حفظ مثلها) وهو كل محفوظ (لأحد في الشاهد إلَّا بمتابعة إبصارها بالعين) الجارحة.
  (وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} كالثاني) أي: المشاكلة في القول تحقيقاً. وقال محمد بن القاسم بن إبراهيم #: يعني: أنت تعلم ما أعلم ولا أعلم أنا ما تعلم، كما يقول القائل: هذا نفس الحق، وهذا نفس الصواب، وهذا وجه الرأي، وهذا وجه الكلام، ووجه الحق.
  قلت: فعلى هذا يكون من مجاز الزيادة في القول، والله أعلم.
  وقال الناصر #: اليد في كلام العرب تقال على ستة أوجه:
  أحدها: بمعنى الجارحة، وجمعها أيْدي.
  [٢] وبمعنى النعمة، وتجمع على أيادٍ. [٣] وبمعنى القدرة(١).
(١) {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص ٤٥]. التمثيل من هامش (ب).