عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الكلام على لفظ رحمن ورحيم]

صفحة 253 - الجزء 1

  مجاز من القرينة⁣(⁣١) كما سبق ذكره (وهما لا يفتقران) إليها، (بل لا يجري لفظ «رحمن» مطلقاًَ) أي: مضافاً وغير مضافٍ (و) لا يجري لفظ (رحيم) حال كونه (غيرَ مضافٍ إلا له تعالى) دون غيره، وأما إذا أضيف «رحيم» فإنه يقال: «فلان رحيم بعشيرته»، (ولو كانا) أي: رحمن ورحيم (لغويتين) أي: حقيقتين لغويتين (لاستلزما التشبيه) له - جل وعلا عن ذلك - بذي الحنو والشفقة والرقة من خلقه (وقد مَرَّ إبطاله) أي: إبطال التشبيه.

  قلت: ولا بُعْد في كونهما مجازين في حقه تعالى، وقرينتُهما العقل والسمع؛ وذلك أنه شبه فعلَه تعالى بالمخلوقين: من إسبالِ النعمِ عليهم في الدنيا والآخرة وإمهالِهِم والسترِ عليهم في دار الدنيا وقبولِ التوبة ونحوِ ذلك - بفعل ذي الحُنُوِّ والرقة والشفقة، ولا يلزم من تشبيه فعله سبحانه بفعل المخلوقين⁣(⁣٢) تشبيهُهُ جل وعلا بشيءٍ من خلقه، كما سنذكره إن شاء الله تعالى من بعد في رحمة الله تعالى.

  ومن ذلك قوله تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ}⁣[النساء ١٤٢] وَ {خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}⁣[آل عمران: ٥٤]، ونحو ذلك.

  وأيضاً: قد⁣(⁣٣) ثبت أنَّ الرحمة في حقه تعالى مجاز فكذلك ما اشتُق منها، وهو رحيم ورحمن، والله أعلم.

  (ورحيمٌ) ورحمن مع كونهما حقيقتين دينيتين - مختلفان، فـ «رحيمٌ» (منقولٌ) من معناه اللغوي إلى المعنى الشرعي، (ورحمن غيرُ منقولٍ) من معنى اللغوي إلى غيره؛ (إذ لم يطلق) أي: رحمن (على غيره) جل وعلا (لغةً) أي: في لغة العرب (البتة) أي: في كل حال لا مقيداً ولا غير مقيدٍ، يقال: «لا أفعله بتَّة، ولا أفعله البَتَّة» لكل أمر لا رجعةَ فيه، ونَصْبُهُ على المصدر، (وقولُهم) أي: قول بعض بني تميم الْمُغْتَرِّيْنَ بمُسيلمة الكذاب: (رحمن اليمامة) لمسيلمة لعنه الله،


(١) في الأصل: من قرينة، وفي (أ، ب): القرينة.

(٢) في الأصل و (ب): المخلوق. وفي (أ): المخلوقين.

(٣) في الأصل: فقد. وفي (أ، ب): قد.