عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الكلام على لفظ رحمن ورحيم]

صفحة 254 - الجزء 1

  قال قائلهم فيه:

  فأنت غوثُ الْوَرَى لا زِلْتَ رَحْمَانَا

  لا ينقض⁣(⁣١) ما ذكرناه؛ لأنه (كقول الصوفية: الله، للمرأةِ الحَسْنَاء) اعتقاداً منهم أن ربهم يحل في الصورة الحسنة، فكذلك قول أهل اليمامة في مسيلمة؛ لاعتقادهم أنه منزل منزلة ربهم في وجوب طاعته؛ لكونه رسول الله بزعمهم أو تسميةً للمضاف باسم المضاف إليه، (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً).

  (وأما رحمة الله) التي وردت في القرآن الكريم وفي غيره (فمجازٌ؛ لأن العلاقة) فيها بين المدلول الحقيقي والمجازي (المشابهةُ بين فعله تعالى وفعل ذي الحُنُوِّ والشفقة من خلقه) ولا يستلزم ذلك المشابهةَ في الذات؛ لأن المشابهة في الفعل غيرُ المشابهةِ في الذات.

  ومن ذلك قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ}⁣[النساء: ١٤٢]، وقوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُون}⁣[القلم: ٤٤]، وقوله ø: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ}⁣[الأنفال: ٣٠]، وغير ذلك كثير.

  ومن ذلك قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ}⁣[الرحمن: ٣١] مستعارٌ من قول الرجل لمن يتهدده: «سأفرغ لك» يريد سأتجرد للإيقاع بك عن كل شيء يشغلني، فهو كناية عن الوعيد على أبلغ وجوهه.

  قال #: (وجميع ذلك) أي: إطلاق ما هو مجاز على الله تعالى (لا يكون إلا سماعاً اتفاقاً) بين أكثر العلماء؛ لأنه لا يجوز إطلاق شيءٍ من المجاز على الله سبحانه إلَّا بإذن شرعي، وقد جَوَّزَ بعضهم إطلاق المجاز على الله تعالى إذا قُيِّدَ بما يرفع الإيهام وإن لم يَرِدْ به سمع.


(١) هذا خبر قوله: «قولهم» في المتن.