عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الخلاف في إطلاق لفظ (شيء) على الله تعالى]

صفحة 259 - الجزء 1

  عقلاً وسمعاً. قالوا: أمَّا عقلاً: فعلى قاعدة اللغة؛ (إذ يفيد) لفظ «شيء» (كونه تعالى معلوماً)؛ لأن الشيء في اللغة: ما يصح العلم به على انفراده، وقولهم: «على انفراده»؛ لتخرج الصفات فليست بأشياء ولا يصح العلم بها على انفرادها، والله تعالى أجَلُّ المعلومات.

  وأما سمعاً: فلورود ذلك في قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ الله شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}⁣[الأنعام ١٩]، وقوله تعالى: {وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}⁣[البقرة ٢١٢].

  (قلنا:) ليس كون الاسم دالاً على أن مسماه معلوم هو المصحِّحُ لإطلاق ذلك الاسم على الله تعالى وإن كان حقيقةً لغوية؛ إذ (العَلَمُ) بهذه المثابةِ أي: (يفيد كون مسماه معلوماً وليس بمدحٍ، كإبليس لعنه الله) فإنه يفيد كون مسماه معلوماً وليس بمدح، وقد عرف بما تقدم من الإجماعِ وغيرِهِ أنه لا يجوز أن يُجْرَى لله سبحانه من الأسماء إلا ما تضمن مدحاً، ولا مدح في إطلاق لفظ «شيء» على الله سبحانه من غير قيد «لا كالأشياء».

  (وإن سُلِّمَ) أن كون الاسم دالّاً على أن مسمَّاه معلوم يكفي في جواز إطلاقه على الله تعالى - فلا نُسلم لكم أن لفظ «شيء» يفيد ذلك في حق الله تعالى؛ إذ (لم يُفِد) أي: لفظ «شيء» (كونه تعالى معلوماً إلَّا مع قيد «لا كالأشياء»)، وأما بغير ذلك القيد فلا يفيد كونه تعالى معلوماً؛ (لأنه لا يعرفه إلا من لم يشبهه») تعالى بغيره، ولفظ «شيء» لا يدل على أنه شيء ليس كمثله شيء، بل هو محتمل للجسم والعَرَض وغيرِهما، فلم يُفد لفظ «شيء» كونَ اللهِ تعالى معلوماً البتَّة.

  وقال (أبو علي وأبو عبد الله البصري(⁣١)) من المعتزلة وغيرهما: (بل) إنما


(١) أبو عبدالله الحسين بن علي البصري أخذ عن أبي علي بن خلاد أولاً ثم أخذ عن أبي هاشم، توفي سنة ٣٦٧ هـ وهو من الطبقة العاشرة من المعتزلة. (المنية والأمل باختصار).