[واحد وأحد]
  [٤] وقد يُراد بهما واحد القِدم والإلهية المستحق للعبادة، وهو المنفرد بصفات الكمال على حَدٍّ يستحيل أن يشاركه فيها مشارك. وهذا المعنى هو الذي يجوز إطلاقه على الله تعالى.
  (ولا يجوز أن يكونا له) جل وعلا (بمعنى أول العدد؛ لعدم تضمنه المدح) كما ذكرناه آنفاً، ولأنه يلزم منه التشبيه؛ لاقتضائه التناهي والتحديد.
  فائدة: قال في كتاب الباهر المصنَّفِ على مذهب الناصر(١) # ما لفظه: اختلفوا في الواحد هل هو من العدد أو لا؟ فقال أهل الهندسة والحساب: أوَّلُ العدد اثنان؛ لأنه يحتمل التضعيف والتنصيف والواحد يقبل التضعيف ولا يقبل التنصيف، وكذلك ما لا نهاية له لا عدد له؛ لأنه لا يقبل التضعيف ولا التنصيف.
  وقال قوم: أول العدد الواحد؛ لأنه منه يُبدأُ وعليه يُبنى. والجميع يتفقون على أنه تعالى واحد ليس من طريق العدد؛ لأن ما يكون من طريق العدد يُبدأ به ويُضم جنسه ونوعه ومثله إليه فَيُعَدُّ، وهو تعالى منفرد بذاته لا ثاني له فَيُعَدُّ معه ولا يُذكر مع غيره تعظيماً له، بل يُعرف بذكره ويذكر غيره؛ ولهذا قال تعالى: {وَالله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢]، فَرَدَّ الكناية إليه وحده دون الرسول، فاعرف ذلك. انتهى.
  قلت: وهذا حقٌّ؛ ولهذا أنكر ابن عباس على الرجل الذي قال بين يديه: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى - فنهاه عن ذلك فقال: قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، رواه في أصول الأحكام. قلت(٢): وروى عدي بن حاتم(٣) أن رجلاً خطب عند رسول الله ÷ فقال: من يطع الله ورسوله فقد
(١) مصنف الباهر على مذهب الناصر هو الشيخ الإمام لسان المتكلمين إسماعيل بن أحمد البستي | حافظ المذهب وشيخ الزيدية بالعراق، وإليه نسبة المذهب كما في تعاليق العلماء على الزيادات وعلى اللمع، وشهرة ذلك أظهر من الشمس، وإن كان قد وهم بعض علمائنا بجعله جامع الزيادات، وجامع الزيادات هو الشيخ الأستاذ ابن تال |. (مطلع البدور باختصار).
(٢) «قلت» ساقط من (أ، ب).
(٣) عدي بن حاتم الطائي، الجواد بن الجواد، قدم على رسول الله ÷ سنة تسع فأكرمه وفرح بإسلامه، وشهد فتوح العراق وكسرى وفتوح الشام، وشهد مع أمير المؤمنين # حروبه، =