[متى يقبح الفعل مطلقا]
  ضرراً خالصاً، وهو الظلم.
  فإن قيل: فيقبح الظن الذي متعلقه لا على ما هو به؛ لحصول علة القبح - قلنا: له مقتضٍ وهو الأمارة، بخلاف الكذب والجهل(١). انتهى.
  ولعل كفر النعمة خارج عن هذا التقسيم؛ لأنه يتعلق بغيره وليس متعلقه لا على ما هو به، وأيضاً فإن الجهل والكذب إنما قَبُحَا لكونهما صفة نقص، لا لكون متعلقهما لا على ما هو به، والله أعلم.
  وكذلك القبيح الشرعي كالزنا وشرب الخمر فإنه لا يُقبح إلَّا لوقوعه على وجهٍ: إما كونه مفسدة عند المعتزلة، أو كونه مؤدياً إلى كفران النعمة؛ لِمخالفته أمرَ المالكِ المنعمِ عند قدماء أئمة أهل البيت $.
  وإنما كان حَدُّ الحسن والقبيح ما ذكرنا (إذ الأصل في مطلق الأفعال) أي: الأفعال التي ليس لها جهة قُبحٍ ولا حُسْنٍ ظاهِرَيْنِ، فالأصل فيها (الإباحة) كالتمشي في الأرض وتناولِ الأحجارِ والأشجارِ التي لا ملك لأحدٍ فيها.
  وقال بعض (البغدادية) وهو أبو القاسم البلخي ومن وافقه (وبعض الإمامية و) بعض (الفقهاء) - المراد بالفقهاء: الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية - وهذه رواية صاحب الفصول عنهم: (بل) إنما يقبح الفعل (لعينه) أي: لذاته وجنسه، قالوا: (لأن الأصل في مطلقها الحظر) أي: المنع. قال النجري: وقد تُؤُوِّلَ كلام البغدادية بأن معنى كون القبح مثلاً ذاتيّاً للظلم أنه لا يقع ظلم إلا وهو قبيح، وكذلك الكذب وسائرها؛ فهو ذاتي؛ لِمَا قد حصل فيه وجه القبح، لا لمجرد ذات الفعل.
  ومثله ذكره الإمام يحيى # حيث قال: لا يخلو قولهم من أوجه ثلاثة:
  [١] إمَّا أن يريدوا بذلك أنه لا يتغير قبحه بحسب حال فاعله، خلافاً لما يقوله هؤلاء الأشعرية - فهذا لا ننكره، وهو خلاف في عبارة.
(١) فلا مقتضى لهما فلو قدرنا أن أحدنا فعل الظن من غير أمارة لكان قبيحاً. (ش ك).