(فصل): [في أفعال العباد]
  وقال أبو عثمان عمرو بن بحر (الجاحظ: لا فعل للعبد إلا الإرادة) له فقط (وما عداها) مباشراً كان أو متولداً (متولدٌ بطبع المحل) أي: محل الفعل فلا تأثير لله تعالى ولا للعبد فيه، فلا مباشر عنده إلا الإرادة فقط، وجميع الأفعال عنده متولدة بطبع المحل.
  وقال إبراهيم بن سيار (النَّظَّام: ما خرج عن محل القدرة ففعل الله تعالى) لكن لم يفعله الله ابتداءً، بل (جعله طبعاً للمحل) فهو فعله تعالى بواسطة ذلك الطبع، قال: فطبع الحجر صلُوحيتُهُ للاندفاع وقبوله للذهاب في الجهة، فذلك الذهاب هو فعل الله تعالى بواسطة ذلك الطبع الذي هو الصلوحية، وما وقع في محل القدرة - وهو المباشر، سواء كان بواسطة(١) كالعلم أم لا - ففعل العبد.
  وقال صالح قُبَّة(٢) من المعتزلة: إنَّ جميع ما خرج عن محل القدرة لا تأثير للعبد فيه ولا للمحل، وإنما هو فعل الله تعالى يبتديه، وإنما يُنسب إلى العبد؛ لوقوعه بواسطة فعله عادةً، كالاحتراق بالنار عقيب الإلقاء فيها مع كون الإحراق من الله تعالى اتفاقاً.
  وقال (ثمامة) بن الأشرس من المعتزلة: (ما ذكره النَّظَّام) وهو ما خرج عن محل القدرة (حَدَثٌ لا مُحدث له) ليس من فعل الله ولا فعل العبد. والعجب منه كيف أثبت صنعاً من غير صانع ولم يثبت ذلك كثير من الملحدة؟!
  (قلنا) ردّاً على الجميع: (لو كان) الأمر (كذلك) أي: كما زعم الجاحظ والنظام وصالح قُبَّة وثمامة (ما جاز القصاص رأساً)؛ إذ الفعل عند الجاحظ
(١) في (ب): بواسطة نظر.
(٢) قيل: هو صالح بن عبدالله، وقيل: هو صالح بن صبيح بن عمر، معتزلي من الطبقة السابعة، كان تلميذاً للنظام، تفرد بأقوال منها ما سمي بسببه صالح قبة وهو التزامه بما ألزم به من كونه يمكن أن يكون في مكة في قبة وفي مكان آخر في غيرها في نفس الوقت، حكوا وفاته في ٢٤٦ هجرية. (مصادر متفرقة).