(فصل): [في أفعال العباد]
  وثالثها: أنها واقعةٌ على حسب آلاتنا؛ ولهذا فإن الواحد منا متى كان له يد فإنه يتأتى منه الكتابة، ومتى انقطعت يده فإنه يتعذر منه تحصيلها، وهكذا القول في الرِّجل فإنها آلة المشي، والقوسِ فإنها آلة الرمي.
  ورابعها: أن العقلاء يستحسنون الأمر بالكتابة والرمي وينهون عنهما، وكل هذه الأمور تُوضح أن العلم بكونها أفعالاً لنا ضرورة ... إلى آخر ما ذكره # تركتُه اختصاراً.
  قال: واعلم أنه لا عجب من المجبرة في القول بأن هذه الأفعال المتولدة من فعل الله مع قولهم بالجبر والتزامهم له، إنما العجب من هؤلاء الجماهير من المعتزلة - مع اعتزائهم إلى الفئة العدلية واعترافهم بالاختيار، وكونهم خصوماً للمجبرة في كل مقام - كيف قالوا بهذه المقالة، ووقعوا في عميقات هذه الجهالة، وكرعوا في آجِنِ هذه الضلالة؟! إلى آخر كلامه #.
  وقال (ابن الوَلَهَان(١): فعل المعصية ليس من) قبل (العبد، بل من الشيطان يدخل في العبد فيغلبه على جوارحه ويتصرف فيها(٢)) على حسب إرادته، ولا فعل للعبد فيها رأساً.
  (قلنا: لو كان كذلك لم يجز العقاب عليها؛ لأنَّ ذلك) أي: العقاب حينئذٍ (ظلم والله سبحانه يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}) [فاطر: ١٨]، أي: لا يحمل مذنب ذنب مذنب آخر، فكيف يعاقب العبد على فعل غيره؟ مع أن مداخلة الشيطان للإنسان وتغلُّبه على جوارحه يكون مغالبةً لله سبحانه في فعله وأمره، وذلك من أحول المحال.
(١) قال في هامش (ب): هو أشعث بن عبدالملك من أصحاب الحسن البصري مات سنة ست وأربعين ومائة. اهـ وأشعث هذا كما في تهذيب الكمال للمزي أشعث بن عبدالملك الحمراني أبو هاني البصري منسوب الى حمران مولى عثمان بن عفان. (باختصار).
(٢) في (أ): «بها».