(فصل): [في أفعال الله تعالى]
  واعلم أن الداعي ليس شرطاً في وجود الفعل من جهة فاعله، بل يصح وقوعه من جهة القادر لا لداع، وقد بسطنا الكلام في ذلك في الشرح.
(فصل): [في أفعال الله تعالى]
  (وأفعال الله سبحانه أفعال قدرة لا غير) أي: ما أراده الله جل وعلا كان ووُجد وثبت من غير واسطة شيء، فأفعاله عز وعلا هي مخلوقاته لا فعل لله سبحانه غيرها من حركةٍ ولا عَرَض يخلق بهما المخلوقات؛ ولهذا قال #: (وهي نفس المفعول عَرَضاً كان) ذلك المفعول (أو جسماً أو إفناءً) أي: إعدام الأشياء، بخلاف فعل غيره تعالى فإنما هو حركة أو سكون فقط.
  وقالت (البصرية، و) أحمد بن محمد بن عبد الرحمن (البرذعي، و) محمد (بن شبيب)(١) وهما من المعتزلة: (بل) الله تعالى (يُحدث الجسم) بعَرَض يُسمونه إرادةً بها يوجد المراد، (و) كذلك الإفناء فإنه بزعمهم (يفنيه بعَرَض) يسمونه الفناء، يخلقه لإفناء الجسم وإعدامه، ثم اختلفوا:
  فقالت (البصرية: و) ذلك العَرَض (لا مَحَلَّ له) أي: لا يحل في شيءٍ، قالوا: ليكون وجوده على حَدِّ وجود العالم لا في محل.
  وقال (ابن شبيب: بل يَحِلُّ في العالم) في الوقت الأول (عند فنائه ويذهب) في الوقت الثاني.
  وقال (أبو الهذيل) محمد بن الهذيل: (بل) الله يوجد الجسم أو يفنيه (بقوله: كن) وبقوله: «افن»؛ اغتراراً [بظاهر(٢)] قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، وقاس عليه الفناء.
  (قلنا:) ما ذكرتموه باطل قطعاً لا دليل عليه من عقل ولا سمع، ولأنه (يستلزم
(١) هو محمد بن شبيب وكنيته أبو بكر، له كتاب في التوحيد، هو من الطبقة السابعة من المعتزلة، ولما قال بالإرجاء تكلم عليه المعتزلة بالنقض فقال: إنما وضعت هذا الكتاب لأجلكم وأما غيركم فإني لا أقول ذلك له. (المنية والأمل باختصار).
(٢) ساقط في (ب).