[الكلام على قدرة العباد وخلقها فيهم وإيجاد أفعالهم بها وما يلحق بذلك]
  الطاعة وتركها، فما قولكم بأنه ساقه إلى الفعل بأولى من قولنا بأنه ساقه إلى التمكن؛ (وذلك إبطالٌ للجبر) أي: لقول أهل الجبر.
  (قالوا: لو كان يقدر الكافر على الإيمان لكشف عن الجهل في حقه تعالى لو فعل) الكافر الإيمان؛ لأنه لم يكن معلوماً لله تعالى (والله يتعالى عن ذلك) أي: عن الجهل.
  (قلنا: الله سبحانه عالم بالكفر) من الكافر (وبشرطه) أي: وعالم بشرطه (وهو اختياره) أي: اختيار العبد للكفر وتأثيره على الإيمان (مع التمكن من فعله) وتركه (و) الله سبحانه عالم أيضاً (بالإيمان وبشرطه، وهو اختياره) أي: اختيار العبد للإيمان (كذلك) أي: مع التمكن من فعله وتركه، فالله سبحانه وتعالى عالم بالأمرين معاً، وبشرطهما وهو اختيارُ العبد وتمكنه من فعلِ ما يفعله منهما وتركِهِ - (فلم يكشف) وقوعُ الإيمان من الكافر - لو قدَّرنا وقوعه - (عن الجهل في حقه تعالى)؛ لعلمه سبحانه وتعالى بالأمرين وشرطهما كما ذكرنا، (كعدم) أي: كعلمه تعالى عدم (اطلاع النبيء ÷ على أهل الكهف) الذين ذكرهم الله سبحانه في القرآن حيث قال: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً}[الكهف: ١٨]، (فإنه) أي: علم الله سبحانه عدم اطلاع النبيء ÷ على أهل الكهف، (لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى) بالاطلاع المفروض المقدَّر لو حصل من النبيء ÷؛ لأنه تعالى عالم بذلك (بعد أن علم) عدم اطلاع النبيء ÷، فقد علم الأمرين معاً، وهما: عدم الاطلاع، والاطلاع المفروض المقدَّر لو حصل شرطه؛ بدليل ما ذكره الله تعالى من (أنه لو اطَّلع عليهم لَولَّى منهم فراراً ولَمُلِئَ منهم رعباً كما أخبر الله تعالى)؛ لأنه لو لم يعلمه لما صَحَّ أن يقول: {لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً}، فهو تعالى عالم بالأمرين معاً وشرطِهما، وهذا نصٌّ صريح فيما قلنا به؛ وثبت أن علمه تعالى بكفر الكافر لم يكشف عن الجهل في حقه جل وعلا لَوْ آمَنَ؛ (لأنه لا يكشف عن الجهل في حقه تعالى إلَّا