[كلام بعض المخالفين في الإرادة والجواب عليهم]
  ثم قال: والإرادة معنىً في حقنا وفي القديم تعالى، خلافاً لِنُفَاة الأعراض(١) والنظام، وقد بسطنا الكلام في ذلك في الشرح.
  قالوا: وذلك المعنى المقارِن لخلق المراد (غير مُرادٍ في نفسه)؛ لأن إرادته عبث؛ إذ الشيء إنما يُرادُ لوقوعه على وجهٍ مخصوص، ولا وجه للإرادة مخصوص تقع عليه، وكذلك الكراهة مثل الإرادة في جميع ما ذكر.
  قالوا: (و) ذلك المعنى (لا مَحَلَّ له)؛ لاستحالة الحلول في حقه تعالى، وليكون مختصاً بالله تعالى على أبلغ ما يمكن؛ لكونه جل وعلا لا محل له، ولو حلَّت في غيره تعالى لكان المريد ذلك الغير دون الباري جل وعلا.
  (قلنا) ردّاً على المخالف: ذلك المعنى الذي زعمتم (يستلزم الحاجة على الله سبحانه إليه) أي: إلى ذلك المعنى، (و) يستلزم أيضاً (نحو العبث) كالسهو والغفلة؛ (حيث لم يكن) ذلك المعنى (مُراداً في نفسه)؛ لأن من فَعَلَ ما لا يُريد فهو عابث. (و) أيضاً (عَرَض لا محل له مُحَالٌ، كحركةٍ لا في متحرك)، وذلك كله محال، وإلَّا لزم بطلان اختصاص الأعراض بالأجسام.
  وأما قولهم: إنه مختص به على أبلغ ما يمكن لكونه جل وعلا لا محل له - فنقول: إن نسبته حينئذٍ إليه وإلى غيره على سواءٍ؛ لأن معقولَ حقيقةِ اختصاص الإرادة بالمريد أن تكون حَالَّةً في قلبه لا غير.
[كلام بعض المخالفين في الإرادة والجواب عليهم]
  وقال (بعض المجبرة) وهم الكلابية والأشعرية: (بل) إرادته تعالى (معنى قديم) كقولهم في سائر الصفات.
  (قلنا: يستلزم إلهاً مع الله وقد مَرَّ إبطاله) في غير موضع (أو) يستلزم
(١) وهم الأصم من النواصب، وحفص الفرد من المجبرة، وهشام بن الحكم من الروافض، وغيرهم ممن أنكر أنه لا عرض في الجسم، وقد تقدم في فصل: حدوث العالم في كتاب التوحيد. والله أعلم. من هامش (ب).