عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[معاني الضلال والإضلال]

صفحة 323 - الجزء 1

  فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}) [فصلت: ١٧] كما مَرَّ ذكره، (وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ}) [فاطر: ٢٤]، أي: رسولٌ داع لها إلى الإيمان ولكنْ أبَى أكثرهم ذلك وأجابوا هوى النفوس ودواعي الشيطان.

  وأما قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ..} الآية [السجدة: ١٣] فالمعنى: لو شئنا لأريناها من قدرتنا وآياتنا الباهرة عياناً ما نحدث به لها معرفةً وإيقاناً لا يكون لها معه أجر، ولا يجب به لها ذُخر، ويكون منها ذلك اضطراراً لا دَرَكَ نظرٍ ولا فكرة ولا اعتبارٍ، وفي ذلك وبه ما يجب الجزاء والثواب، وفي ترك ذلك وإغفاله ما يجب به العقاب، وهو وإن كان كذلك فهو هدى وتبصرة، هذا لفظ القاسم بن إبراهيم #.

[معاني الضلال والإضلال]:

  (والضلال في لغة العرب يكون) لمعانٍ، منها: ما هو (بمعنى الهلاك) والضياع (قال تعالى: {وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}) [السجدة: ١٠]، أي: إذا هلكنا وضِعْنَا في الأرض وصِرْنَا تراباً كأنْ لم نكن. قال في الصحاح: ضَلَّ، أي: ضاع وهلك، والاسم: الضُّل، بالضمِّ. ومنه قولهم: هو ضُلُّ بن ضُلّ، إذا كان لا يُعرفُ ولا يُعرفُ أبوه. انتهى.

  ومنه قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}⁣[الأنعام: ٢٤]، وَ {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}⁣[الكهف: ١٠٤].

  (و) قد يكون الضلال (بمعنى العذابِ) والعقوبةِ (قال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ}) [القمر: ٤٧]، أي: في عذابٍ ونيرانٍ ذات سُعُرٍ، وقال الزمخشري⁣(⁣١): في هلاك ونيران أو في ضلالٍ عن الحق في الدنيا ونيرانٍ في


(١) محمود بن عمر الزمخشري، أبو القاسم الخوارزمي الحنفي مذهباً، صاحب التصانيف العجيبة، والتآليف الغريبة، مثل (الفائق) و (غريب الحديث) و (الكشاف في تفسير القرآن) و (المفصل في النحو)، أقام بمكة دهراً حتى صار يعرف (بجار الله)، ولد بزمخشر في رجب سنة سبع وستين =