عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فرع [والقدرية هم المجبرة]:

صفحة 341 - الجزء 1

  وتقدس عما يقول الكافرون عُلُوّاً كبيراً.

  وكذلك كل طاعة له جل وعلا فإنما فعلها العبد باختيار نفسه بما ملَّكه الله سبحانه من القوة والقدرة على أن يفعل وأن لا يفعل، كما قال جل ثناؤه: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد]، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}⁣[الأنفال: ٤٢]، (والنسبة في لغة العرب من الإثبات لا من النَّفي)، فيقولون: هاشميٌ لمن أثبت نسبه إلى هاشم، وأمَوِيٌ لمن أثبت نسبه إلى أمية، ونحو ذلك، لا لمن لا⁣(⁣١) يُنسب إليهما؛ كذلك القَدَرِي: هو من أثبت أفعال العباد خلقاً لله وزعم أنها بِقَدَرِ الله، أي: بخلقه، (كَثَنَوِيّ) فإنه اسم (لمن أثبت إلهاً مع الله) - تعالى عن ذلك -، (لا لمن ينفيه) أي: الثاني.

  فإن قيل: هو منسوب إلى القُدْرَةِ؛ لأنَّ العدلية أثبتوها للعبد فهو اسم لهم باعتبار ذلك.

  قلنا: فالنسبة إليه حينئذٍ قُدْرِيٌّ بضم القاف وسكون الدال.

  فإن قيل: إن العدلية أثبتوا القَدَرَ للعبد حيث قالوا: إنَّ المعاصي بِقَدَرِ العبد فصحَّت النسبة إليهم من الإثبات!.

  قلنا: هذا ليس من عباراتهم، فهم لا يقولون: إن المعاصي ولا الطاعات بِقَدَرِ العبد، فلم يُضيفوا القدر إلى العبد البتَّة، ولم يلهجوا بذكر القدر أصلاً، وإنما يقولون: المعصية والطاعة فعلٌ للعبد فَعَلَهُ باختياره، ومع ذلك لا يمتنع أن يُسمَّى خلقاً؛ لأنه أحدثه وأوجده، وكلُّ موجودٍ مُحدَثٍ مخلوقٌ، بخلاف المجبرة فإنهم يلهجون بذكره ويفزعون عند معاصيهم إليه، ويضيفونه إلى الله فيقولون: قضاء الله وقَدَرُهُ أوجب العصيان، وقد أوضحه # بقوله: (ولأنهم يلهجون به) أي: بالقَدَر، ومن لهج بالشيء نُسِبَ إليه، كما يقال: أُمُوْرِيٌّ لمن يُثبت الصفات أُموراً


(١) في الأصل و (ب): لم. وفي (أ): لا.