(فصل): [والله تعالى عدل حكيم]
  «خصماء الرحمن وشهود الزور وجنود إبليس» أوصاف تخص المجبرة.
  أمَّا كونهم خصماء الرحمن: فإن الله سبحانه إذا احتج على العصاة يوم القيامة بأنهم أُتُوا من قبل أنفسهم وأنه ليس ظالماً لهم قام المجبرة فرَدُّوا عليه الحجة وقالوا: بل أنت الذي خلقت فيهم العصيان وطلبت منهم ما لا قُدرة لهم عليه - وهو الطاعة - ثم أخذت الآن تعاقبهم على فعلك وتوبخهم عليه ..
  وأما كونهم شهداء الزور: فإن الله سبحانه إذا سأل الشياطين: لم أضللتم العباد؟ قالوا: أنت الذي أضللتهم وأغويتهم، ثم لا يجدون من يشهد لهم على ذلك إلا المجبرة ومن وافقهم من المجوس.
  وأمَّا كونهم جنودَ إبليس: فهم الذين يتعصبون لإبليس ويحتجون له على مقالته: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}[الحجر: ٣٩]، تعالى الله عن ذلك.
(فصل): [والله تعالى عدل حكيم]
  قالت (العدلية: والله تعالى عدل حكيم) لفظاً ومعنىً (لا يُثيب أحداً إلا بعمله ولا يعاقبه إلا بذنبه).
  حقيقة الثواب: المنافع المستحقة على وجه الإجلال والتعظيم.
  وحقيقة العقاب: هو المضار المستحقة على وجه الإهانة. هكذا ذكروه.
  وقالت (المجبرة) كافَّة: (بل) الله سبحانه عدل حكيم لفظاً لا معنىً؛ لأنه (يجوز أن يُعذب الأنبياء ويُثيب الأشقياء)، ويجوز أن يخلق حيواناً في نار جهنم يعذبه ابتداءً من غير استحقاق، قالوا: وهذا عدلٌ منه تعالى؛ لأنه مالك يفعل في ملكه ما شاء، أو لأنه لا يأمره ولا ينهاه أحد فلا يقبُح منه شيء.
  (قلنا) ردَّاً على المجبرة: (من أهان وليَّه) وهو من المخلوقين المحتاجين بأن عاقبه وأنزل الضرر به (وأعزَّ عدوَّه) بأن أثابه وعظَّمه (فلا شك في سخافته) أي: في نقصه وقلة عقله، وتعظيمُ من يستحق الإهانةَ وإهانةُ من يستحق التعظيمَ صفةُ نقصٍ لا شك فيها، فكيف بها في حقِّ ربِّ العالمين الذي هو أعلم