[إيلام المكلف]
  سليمان # في الحقائق أن في التوراة: «يا موسى، إنِّي لم أُفقر الفقير لذنب قدَّمه إليَّ، ولم أُغن الغني لصنيعة قدَّمها إليَّ، وإنما أفقرت الفقير لأنظر صبره وأغنيت الغني لأنظر شكره، يا موسى، فلا الفقير صَبَرَ ولا الغني شَكَرَ»، (فقط) من دون اعتبار ولا عوض (كما يأتي إن شاء الله تعالى) قريباً عند قوله: «وله على الصبر عليه والرضا به ثواب لا حصر له».
  (و) إما (لحط الذنوب فقط) أي: من دون اعتبار ولا عوض ولا لتحصيل سبب الثواب. والمراد بالذنوب: بعض العمد؛ لأنَّ مراده # أن الألم سبب حامل على التوبة المُسقطةِ للذنوب، أو أنَّ الله تعالى يجعل عقاب بعض المعاصي المتعمدة في الدنيا، كذا ذكره # كما سيأتي إن شاء الله تعالى، (وفاقاً للزمخشري في حَطّ الصغائر) من الذنوب فإنه ذهب إلى حسن الألم من الله سبحانه؛ لحطَّها، وهو بناءٌ على أن بعض العمد من الصغائر، وهو كذلك عنده وعند الجمهور، وأما عند الإمام # فكل عمد كبيرة.
  (إذ هو) أي: الألم لحطِّ الذنوب (دفعُ ضررٍ، كالفصد) لدفع الضرر فإنه حَسَنٌ، (و) يؤيده ما ورد (في الحديث عنه ÷: «مَنْ وُعِكَ) أي: حُمّ (ليلةً كَفَّرَ الله عنه ذنوب سنةٍ»(١) أو كما قال)، أي: هذا [لفظ](٢) الخبر أو مثله، (وفي النهج) أي: نهج البلاغة (فإن الآلام تحطُّ الأوزار وَتَحُتُّها) أي: تُسقطها (كما تُحَتُّ أوراق الشجر، أو كما قال)، الذي ذكره في النهج أن الوصي # عاد بعض أصحابه فقال: (جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ، لَكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ ويَحُتُّهَا حَتَّ الْأَوْرَاقِ، وإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ والْعَمَلِ بِالْأَيْدِي والْأَقْدَامِ، وإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ بِصِدْقِ النِّيَّةِ والسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) انتهى.
(١) رواه في كتاب سبيل الرشاد وابن حابس في شرح المصباح، وروى نحوه الإمام زيد # في مجموعه بسند آبائه $ بلفظ: «من مرض ليلة واحدة كفرت عنه ذنوب سنة».
(٢) ساقط من (أ).