[إيلام المكلف]
  (وهو) أي: قول الوصي # (توقيف) أي: لا مجال للاجتهاد فيه، فهو مما قاله الرسول الصادق ~ وعلى آله عن الله ø.
  (وله) أي: للمكلف (على الصبر عليه) أي: على الألم (والرضا به) وعدم السخط الموجب للإحباط (ثواب) من الله سبحانه (لا حصر له) أي: لا يحصر بحساب؛ لكثرته فلا يعلمه إلَّا الله سبحانه؛ (لأنهما) أي: الصبر والرضا (عملٌ؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}) [الزمر: ١٠]، وقوله تعالى: ({وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} الآية) [البقرة: ١٥٦، ١٥٧]، فنبَّه الله سبحانه في هاتين الآيتين على أن الصبر والرضا عملٌ بقوله تعالى: {أَجْرَهُمْ}؛ لأن الأجر لا يكون إلَّا على العمل، وبقوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} على الرِّضا؛ لأنَّ المعنى: رضينا بحكم الله فينا؛ لأنَّا عبيده يفعل بنا ما شاء؛ لأنه الرب المالك الحكيم ليس لنا إلَّا فضله. والصبر والرضا من أفعال القلوب، وثوابهُما أعظم من ثواب سائر الأعمال.
  وما رواه علي # عن النبيء ÷ «إن الرجل لتكون له درجة رفيعة في الجنة لا ينالها إلَّا بشيءٍ من البلاء يُصيبه، وإنه لينزل به الموت وما بلغ تلك الدرجة فيُشدد عليه حتى يبلغها»(١) - المرادُ به: ثوابُ الصبر على الألم والرِّضا به. قال الإمام المنصور بالله # في الرسالة الناصحة: فقد روينا عن نبينا رسول الله ÷ أنه قال: «إنَّ الله إذا أنزل على عبده ألَماً أوحى إلى حافِظَيْه أن اكتُبا لعبدي أفضل ما كان يعمل في حال صحته ما دام في وثاقي، فإذا أَبَلَّ(٢) من علته خرج من ذنوبه
(١) رواه الإمام الأعظم زيد بن علي # في مجموعه عن آبائه $ عن رسول الله ÷، وروى نحوه أبو نعيم في المعرفة، وأخرج نحوه الهندي في كنز العمال عن ابن مسعود وعزاه إلى هناد.
(٢) بَلَّ من مرضه يَبِلُّ - بالكسر - بَلاًّ، أي: صَحَّ. وكذلك أَبَلَّ واسْتَبَلَّ، أي: برأ من مرضه. الصحاح مادة (بلل).