عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في الجناية من المخلوقين]

صفحة 365 - الجزء 1

  حين أنذرهم سخط الله، والآخرة: قتلُ يحيى بن زكريا وقصدُ قتل عيسى بن مريم. والعباد الذين ذكرهم الله في الآية: سنحاريتُ وجنودُهُ، وقيل: بخت نصر.

  وعن ابن عباس: جالوت، قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخرَّبوا المسجد وَسَبُوا منهم سبعين ألفاً.

  قال: فإن قلت: كيف جاز أن يبعث الله الكفرة على أولئك ويسلطهم عليهم؟

  قلت: معناه خلَّينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم، كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} الآية [الأنعام: ١٢٩].

  قلت: وهو الحق، ومثله ذكر الهادي # في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ...} الآية [مريم: ٨٣].

  (وإن كان) المجني عليه (غير مكلف) كالصبيان والمجانين وسائر الحيوانات مع كون الجاني متعدِّياً ولم يتب (فلمصلحة) أي: فلا بُدَّ من مصلحة للمجني عليه (يعلمها الله تعالى له) أي: لغير المكلف، (كما مَرَّ ذكره) في الألم الحاصل من الله تعالى على غير المكلف، وإنما كان كذلك (للتخلية) من الله سبحانه بين الجاني والمجني عليه، وهي حسنة من الله سبحانه وإن كان الفعل من جهة الجاني قبيحاً، (ولعدم أعواض الجاني كما مرَّ) مِنْ أنَّ ذا الكبيرة لا عوض له؛ لِمنافاته العقاب؛ فثبت أنه لا بُدَّ من مصلحة من الله سبحانه للمجني عليه بسبب التخلية.

  وقال الإمام (المهدي) أحمد بن يحيى (#) حاكياً (عن العدلية: لا بُدَّ من آلام) تلحق الجاني في الدنيا إمَّا في بدنه أو ماله أو ولده، وسواءٌ كانت جنايته على مكلف أو غير مكلف فلا يخرج من الدنيا إلَّا وقد ناله آلام (يستحق بها العوض) من الله سبحانه. قالوا: وإلَّا كان تمكينه من الجناية والتخلية بينه وبين المجني عليه ظلماً والله يتعالى عنه؛ (فيعطى المجني عليه) كائناً من كان (منها) أي: من تلك الأعواض.