عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في العوض وأحكامه]

صفحة 369 - الجزء 1

  يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}⁣[الأنعام: ٣٨]، فالمكلفون يحشرون؛ لمجازاتهم بالثواب والعقاب وللانتصافِ وللتفضلِ عليهم، وسائرُ غيرِ المكلفين؛ لتوفية أعواضهم والتفضُّل عليهم.

  وقال أبو هاشم: يجوز أن تُعوَّض البهائم في الدنيا فلا تعاد.

  وقال الأكثر: بل لا بُدَّ من إعادة ما كان له عوض منها، ولكن اختلفوا في حكمها بعد الإعادة:

  فقال عباد: يبطل⁣(⁣١) إمَّا بمصيرها تراباً أو بغير ذلك.

  وقال بعضهم: يجوز [أن الله يُدخل النار⁣(⁣٢)] ما كان مُبْغَضَاً منفوراً عنه كالحيات والسِّباع مع كونها متلذذةً بذلك، ويدخل الجنة ما كان حسنَ الصورةِ محبوبَ المنظر.

  وأمَّا ما لا عوض له كمن يموت مغافصةً⁣(⁣٣) من دون ألم فقالوا: لا نقطع بوجوب إعادته.

  قلنا: قد دلَّ الدليل القاطع على إعادة جميع الدوابِّ، وهو حكمُهُ العدلُ والآيةُ المتقدمة.

  (فلا وجه لتخصيص العوض بجعل بعضه مُسْتَحَقَّاً) وهو الذي في مقابلة الألم (وبعضه غير مُسْتَحَقٍّ) وهو الذي يتفضل الله به على المؤْلَمِ بعد انقطاع عوضه.

  ولو جَوَّزنا حصول أعواضها في الدنيا لكان إيلامها بالموت ظلماً، ولجوَّزنا ذلك في حق المكلفين أيضاً، ولو جاز [ذلك]⁣(⁣٤) في حقهم لم يُعلم أن الواصل إليهم في الدنيا عوض عن آلامهم، ولكان إيلامهم بالموت ظلماً.

  وأمَّا أنها تصير بعد انقطاع عوضها تراباً بغير ألم - فلا دليل عليه، والله أعلم.


(١) في (أ، ب): «تبطل».

(٢) في الأصل و (أ): أن يدخل الله تعالى. وما أثبتناه من (ب).

(٣) غافصتُ الرجلَ، أي: أخذته على غرة. الصحاح مادة (غفص).

(٤) ساقط من (أ).