(فصل:) في الأسعار
  (في القفار) التي هي مأوى اللصوص (وعلى متون أمواج البحار) التي لا يؤمن فيها عواصف الرياح وسكونها كما قال تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ ..} الآية [الإسراء ٦٩]، وقوله تعالى: {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} الآية [الشورى: ٣٣].
  وأما قولهم: «إن الأموال مباحةٌ» فهو رَدٌّ لِمَا عُلِمَ ضرورة من الدين تحريمُه (وأدلة تحريم أموال الناس) بغير إذن شرعي (لا يُنكرها إلا كافر) جاحد لما أنزل الله سبحانه من الأحكام والحدود.
  واعلم أن ضمان الله سبحانه رزق عباده كما قال ø: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا}[هود: ٦]، وغير ذلك - لا ينافي وجوب التكسب في بعض الأحوال؛ لأن الله سبحانه جعل الدنيا دار عمل فلا بد من السعي في الأغلب للرزق فيها.
  ولا يقال: إنَّ موت من يموت بالجوع والعطش ينقض ضمانه تعالى؛ لأن ذلك سبب من أسباب الموت جعله الله سبحانه لمصلحة المكلف أو عقوبته كما مَرَّ في الآلام.
(فصل:) في الأسعار
  والوجه في ذكرها كونها من مصالح الخلق.
  (و) اعلم أن (السِّعْرَ) هو في اللغة: (قَدْرُ ما يُباع به الشيء، فإن زاد على المعتاد) في أغلب الزمان (فغلاءٌ) أي: فهو سعر غال، (وإن نقص منه فرخص) أي: فهو سعرٌ رخيصٌ.
  (وقد يكونان بسبب من الله تعالى حيث أنعم بزيادة الخِصْبِ) - بكسر الخاء - وهو نقيض الجدب، وذلك بكثرة الأمطار والبركة في الثمار، وذلك (في الرُّخص، وحيث امتحن) تعالى عباده (بزيادة الجدب) - بفتح الجيم - وهو نقيض الخصب، وهذا (في الغلاء)، وإذا ضُمَّ الخصب إلى الجدب في اللفظ فُتِحَا معاً للمناسبة فيقال: خَصْبٌ وجَدْبٌ.