[الله تعالى لم يكلف ما لا يطاق]
  معرفتها جعلها سبحانه مفرقة في القرآن وعلى المكلَّف البحث عنها، وكل ذلك زيادة في التكليف والمشقة؛ ليعظم الأجر والثواب. (و) كذلك (إبقاء المنسوخ) حكمُهُ (مع بقاء الناسخ) له في القرآن يُتلى مع تلاوته، (ونحو ذلك) كزيادة الشهوة والدواعي والابتلاء بالمصائب والآلام والتكاليف الشاقة كالجهاد وغير ذلك؛ (لأنها) كلها (عَرْضٌ على استكثار الثواب) بالصبر على أداء الفرائض والوقوف عند الحدود.
  وبهذا يُعرف بطلان قول من زعم أن الألطاف واجبة على الله سبحانه كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (وهو) أي: العرض على استكثار الخير (حَسَنٌ) عند العقلاء كأصل التكليف.
[الله تعالى لم يكلف ما لا يطاق]:
  قال (المسلمون) كافة: (ولم يكلف الله سبحانه وتعالى) أحداً من خلقه (إلَّا ما يُطاق) لا ما لا يُطاق؛ لكونه قبيحاً وقبحه معلوم بضرورة العقل، وكانت المجبرة لا تلتزمه وإن قالوا: إن الأفعال كلها من الله - حتى صرَّح أبو الحسن (الأشعري) بجوازه جَرْياً على قياس مذهبهم فقال: (بل كلَّف الله أبا جهل) اللعين واسمه: عمرو بن هشام(١)، وكنيته أبو الحكم (ما لم يُطِق)، وذلك (حيث أمره) أي: أمر أبا
(١) عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أشد الناس عداوة للنبي ÷ في صدر الإسلام، قال صاحب عيون الأخبار: أدرك الإسلام وكان يقال له أبو الحكم، فدعاه المسلمون أبا جهل، سأله الأخنس بن شريق الثقفي وكانا قد استمعا شيئاً من القرآن: ما رأيك يا أبا الحكم فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه. واستمر على عناده يثير الناس على محمد رسول الله ÷ وأصحابه، لا يفتر عن الكيد لهم والعمل على إيذائهم، حتى كانت وقعة بدر الكبرى، فشهدها مع المشركين، فكان من قتلاها. (الأعلام للزركلي باختصار).