عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وما يفعله الله قطعا لا يقال بأنه واجب عليه]

صفحة 406 - الجزء 1

  أي: الدعاء إليها، (وقبولَ توبة التائبين كإعتاب من أباها) أي: قبول عذر من اعتذر عن إبائه لها ورجع إليها. قال في الصحاح: يقال: أعتبني فلان، إذا عاد إلى مَسَرَّتي راجعاً عن الإساءة، والاسم منه: العتبى، واستعتبته فأعتبني، أي: استرضيته فأرضاني. (فكما أن فعل ذلك) كله (تفضلٌ في) حكم (العقل) من صاحب المائدة على القوم المحتاجين إلى الطعام لا يُنكره عاقل (فكذلك هذا) الذي زعم المخالفُ وجوبَهُ على الله تعالى.

  وقد تضمن هذا المثال هذه الخمسة، وهي: الجزاء، والعوض، والتمكين، واللطف، وقبول توبة التائبين، وهو إشارة إلى ما روي عن النبيء ÷ من حديث جابر بن عبد الله⁣(⁣١) الأنصاري ¦ قال: خرج علينا رسول الله ÷ يوماً فقال: «إني رأيت في المنام كأنَّ جبريل # عند رأسي وميكائيل # عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه: اضرب له مَثَلاً فقال: اسمع، سمعَت أُذنك، واعقل عقل قلبك: إنما مثلك ومثل أمتك كمثل مَلِكٍ اتخذ داراً ثم بنى فيها بيتاً، ثم جعل فيها مائدةً، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من ترك، فاللهُ ø الملك، والدارُ الإسلام، والبيتُ الجنة، وأنت - يا محمد - رسولٌ مَنْ أجابك دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل مما فيها»⁣(⁣٢). رواه الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق.


(١) أبو عبدالله جابر بن عبدالله بن حرام - بمهملتين فألف فميم - الأنصاري الخزرجي، الغازي مع رسول الله ÷ بضع عشرة غزوة غير بدر، وأحد سادات الصحابة، المخلصين في ولاية الوصي والقرابة À، المتوفى بالمدينة المشرفة في عشر الثمانين، عن أربع وتسعين سنة، وهو آخر الصحابة موتاً بالمدينة المشرفة رضوان الله عليه. (لوامع الأنوار باختصار).

(٢) رواه أبو طالب # في الأمالي، والمتوكل على الله أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، والشرفي في تفسير المصابيح نقلاً عن البرهان، ورواه الترمذي في سننه، والحاكم في المستدرك، وابن جرير الطبري في تفسيره، والبيهقي في دلائل النبوة.