عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[التناصف بين الظالمين والمظلومين]

صفحة 408 - الجزء 1

  (وقال بعضهم: بل بعضه) يجب على الله تعالى، كقولِ بشر بن المعتمر ومتابعيه: إنه لا يجب على الله تعالى بعد التكليف إلا التمكين، وقولِ أبي علي وأصحاب اللطف: إنه قد يَحسن الألم من الله تعالى لمجرد دفع الضرر من غير عوض. وقال جعفر بن حرب⁣(⁣١): إذا كان الفعل مع عدم اللُّطف أشقَّ والثوابُ عليه أكثر جاز ترك اللطف. وهذا ينقض قولَهم بوجوب اللُّطف.

  وقال الإمام يحيى # في الشامل: اتفقت العدلية من الزيدية والمعتزلة على القول بوجوب اللطف والعوض والثواب على الله تعالى وغير ذلك من الأمور الواجبة عليه تعالى من أجل التكليف، فأما ما لا يتعلق بالتكليف - كالأفعال المبتدأة - فلا يُوصف بكونه واجباً، وإنَّما يوصف بكونه نعمة وإحساناً وتفضُّلاً، كأصل التكليف نفسه.

  قال: وذهب محققو الأشعرية كالجويني والغزالي وصاحب النهاية⁣(⁣٢) إلى أنه لا يجب على الله واجب أصلاً، لا ابتداءً ولا لأجل سبب آخر.

  قلت: وفي إطلاق القول عن العدلية كافة نظر؛ لِما سيتضح لك إن شاء الله تعالى عنهم، وقد حكى العنسي ¦ وغيره عنهم خلاف هذا، وهو أنه لا يجب على الله تعالى شيء، وقد بسطنا ذلك في الشرح.

  و (لنا) حجة على مخالفينا: (ما مَرَّ) من أن الطاعات شكر، وأن الآلام تفضُّل؛ لأنها عَرْضٌ على الخير كأصل التكليف.

  ثم نقول: قد ثبت أن الله سبحانه متفضل بإيجاد الخلق، وبتكليفهم، وبزيادة التكليف كالامتحان بخلق إبليس وإمهاله والتخلية بينه وبين من يُضله، وزيادة


(١) جعفر بن حرب الهمداني، معتزلي بغدادي، درس الكلام بالبصرة على ابي الهذيل العلاف، قال أبو الحسين الخياط: مات جعفر بن حرب سنة ست وثلاثين ومائتين وهو ابن تسع وخمسين سنة. (تاريخ بغداد باختصار). وذكره في المنية والأمل من الطبقة السابعة.

(٢) الرازي. من هامش (ب).