عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[التناصف بين الظالمين والمظلومين]

صفحة 409 - الجزء 1

  الشهوة⁣(⁣١)] وتكليف الأمور الشاقة كالقتال ونحوه، وكقتل النفس في زمان موسى ~، وامتحان أهل القرية بخروج الصيد يوم السبت، وغير ذلك من زيادة التكليف، وكلُّ ذلك تفضُّل من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه عَرْضٌ على استكثار الخير وهو عدل وحكمة؛ لأن فيه تمييز راسخ الإيمان من المُتَلَبِّس به على حرفٍ، وإذا كان كذلك فلا معنى لإيجاب الألطاف ولا غيرها على الله سبحانه.

  وأما التمكين: فهو من تمام التكليف، [فلا يصح التكليف إلَّا مع التمكين]⁣(⁣٢)، فلا يصح أن يقال: يجب التمكين ولا يجب التكليف، فهو لَمَّا كان التكليف تفضُّلاً محضاً بالاتفاق فالتمكين تابع له في ذلك، ولا يلزم منه أن يقال: يصح أن يُكلف الله سبحانه عبداً بفعلٍ ولا يُمَكِّنَهُ مِن ذلك الفعل؛ لأنه يكون حينئذٍ ظلماً والله سبحانه مُنزه عن الظلم، كما لا يجوز أن يخلق خلقاً ليعذبه بالنار من غير ذنب.

  وأما الثواب: فهو مع كون الطاعات شكراً لله سبحانه كما مَرَّ، ومع كونه في مقابلة عمل يسير منقطع في الدنيا تفضُّل محضٌ. ثم أخبرنا الله سبحانه بأنه متفضل على المطيعين بزيادة الهدى وتنوير البصيرة والإعانة لهم على الطاعة وجميع أمورهم، وذلك من مقدمات ما وعدهم به وتفضل عليهم من الثواب.

  وأما العقاب: فهو حق له - جل وعلا - لا عليه، والمعنى: أنه مصلحة راجعة إلى العباد وزجرٌ عن ارتكاب القبيح وكفران المنعِم؛ لأنه ø أغنى الأغنياء عن الحاجة إلى الحقوق، ولو لم يكن العقاب مُسْتَحَقَّاً عقلاً وسمعاً لكان المكلف مُغْرَىً بالقبيح، والإغراء بالقبيح قبيح، وقد أخبرنا الله سبحانه بأن من عصاه وخالف أمره واتَّبع هواه سلبه الله تعالى زيادة الهدى والتنوير وخلَّاه وشأنه وَوَكَلَهُ إلى نفسه، وذلك أيضاً من مقدمات ما أعد الله له في الآخرة، إلا أن يرجع


(١) إلى هنا مفقود في النسخة (أ).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).