عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [في وجوب معرفة أنه لا بد من رسول عقلا]

صفحة 11 - الجزء 2

  الشرائع (و) تقتضي (مطابقة مراده) أي: مراد السيِّد (بتأديتها) أي: الشرائع على الكيفية المرادة للشارع؛ (ولذلك وجبت) أي: ولأجل كون نعمة السيد تقتضي الامتثالَ لأمره وجبت الشرائع، (فلو كانت) أي: الشرائع (لطفاً) في العقليات كما زعموا (لم تجب)؛ لأنها ليست مقصودة بالوجوب للشارع، وإنما الواجب الحقيقي على قولهم هو العقليات، والعبد متمكِّن من الإتيان بها من دون الشرائع؛ فثبت أنه لا وجه لإيجابها حينئذٍ؛ (لأن الحكيم لا يُوجب ما لا يجب)؛ إذ لا تعلُّق بين الواجب العقلي والشرعي.

  فإن قيل: ولم وردت الشرائع على تلك الكيفيات المخصوصة؟

  قلنا: لا يلزمنا معرفة ذلك، وإن كنَّا نعلم أنه لا بُدَّ من مصلحة فيها على الجملة؛ لأنه جل وعلا حكيم وأفعالُه كلها حكمة وجهلنا بها لا يُبطل كونها حكمة، وقد روي عن علي # أنه قال: (فرض اللهُ الإيمان تطهيراً من الشرك، والصلاة تنزيهاً من الكِبْر، والزكاة سبباً للرزق، والصيام ابتلاءً للإخلاص، والحج تقوية للدين، والجهاد عزاً للإسلام، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، والنهي عن المنكر ردعاً للسفهاء، وصلة الرحم منماةً للعدد، والقصاص حقناً للدماء، وإقامة الحدود إعظاماً للمحارم، وترك الخمر تحصيناً للعقول، ومجانبة السرقة إيجاباً للعفة، وترك الزنى تحصيناً للنسب، وترك اللواط تكثيراً للنسل، والشهادات استظهاراً على الْمُجَاحَدَات، وترك الكذب تشريفاً للسان، والسلام أماناً من المخاوف، والأمانة إعظاماً للأمة، والطاعة تعظيماً للإمامة).

  (قالوا: قد ثبت) بلا خلاف (أنه لا يجوز العقاب) من الله سبحانه للمكلفين (ابتداءً) أي: قبل أن يعلموا بشرعيتها (على الإخلال بها اللازم) ذلك العقاب للمُخل بها (من شرعيتها) أي: من إيجاب الشارع [لها]⁣(⁣١)؛ لأن من أخَلَّ بالواجب استحقَّ العقاب، وقد ثبت أنه إذا أخل بها المكلفون ابتداءً لم


(١) ساقط من (أ).