عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [في وجوب معرفة أنه لا بد من رسول عقلا]

صفحة 12 - الجزء 2

  يُعاقبوا؛ فثبت كونها لطفاً، ولو كانت شكراً كما زعمتم لزم عقاب المكلفين على الإخلال بها وإن لم يعلموا شرعيتها؛ لأن الشكر معلوم وجوبه بالعقل.

  (قلنا: إنما لم يجز) العقاب لمن ذكروه (حيث لم يكن) المُخل بها (مأموراً بفعلها)؛ فليست واجبة عليه في هذا الوقت؛ (فلم يخل بالامتثال)؛ فلا وجه لعقابه (كما أن العبد إذا أخل بما لم يأمره به سيده لم يكن مُخِلًّا بالامتثال) ولا مذموماً عند العقلاء.

  (و) لنا (أيضاً) أنها (وردت الرسل À) بشرعها (مع مقارنة التخويف) من الإعراض عن دعوتهم وعدم القبول لما جاءوا به، كقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}⁣[آل عمران: ٩٧] {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}⁣[المائدة ٩٥]، وما ذاك إلَّا لأجل كون وجوبها متقررًا⁣(⁣١) في العقول جملة؛ لكونها شكراً.

  (فلو كانت ألطافاً) كما زعموا (لَقَبُحَ التخويف؛ لأن الألطاف ليست بواجبة)؛ لأنها ليست مقصودة في أنفسها؛ (إذ التخويف لا يكون إلَّا على واجب)، والألطاف ليست بواجبة. هكذا ذكره #، ولعله يريد # بقوله: «إنَّ الألطاف ليست بواجبة» على المذهب الصحيح الذي اختاره # وهو الحق، وأما المخالف في هذه المسألة فهو يقول: إنَّ الألطاف واجبة.

  (قالوا: إنما اقترنت بالتخويف لتجويز الجهل) من المكلفين (ببعض المصالح) التي لهم في الدين.

  قلت: هذه حجة أبي هاشم على أبي القاسم البلخي في أنه لا بُدَّ أن يُعرف بالنبوة ما لم يُعرف بدونها، قال: وذلك أنَّا نعلم أنها لا تحسن بعثةٌ لنبيءٍ إلَّا بمعجزٍ يدل على صدقه، ولا معجزَ إلَّا ويجب علينا النظر فيه، ولا يجب على المكلف النظر إلَّا مع تخويفٍ منْ تركه، ولا تخويفَ مِنْ تَرْكِ النظر إلَّا مع تجويز الجهل ببعض المصالح؛ إذ لو لم يُجَوَّز الجهل بأمرٍ يجب عليه فعله أو يحرم - لم يكن


(١) في (أ): «مقررًا».