عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [في وجوب معرفة أنه لا بد من رسول عقلا]

صفحة 13 - الجزء 2

  للخوف وجهٌ؛ فلزم ما ذكره أبو هاشم من أنه لا بُدَّ في البعثة من أن نعلم بها تكليفاً لا نعلمه إلَّا من جهتها.

  قال النجري: ولقائل أن يقول: مُجَرَّدُ التجويز كافٍ في التخويف كما ذكرتم، فَمِنْ أين يجب أنه لا بُدَّ من وقوع ذلك الْمُجوَّز؟ فيجوز أن يبعث بعض الأنبياء لا لتعريف مصلحة، بل لشيءٍ مما ذكره المخالف، ويجب النظر في معجزته؛ لتجويز أن يكون مبعوثاً لتعريف مصلحة.

  واحتج أبو القاسم: بأنَّ دعاء النبي ÷ إلى طاعة الله لهُ موقعٌ في النفوس أبلغ من موقع دعاء غيره؛ فيكون تأثيره أبلغ، وهذا كافٍ في حسن بعثته.

  وأجاب أبو هاشم عليه: بأنه لا سبيل إلى معرفة صدقه إلَّا بعد معرفة⁣(⁣١) اليقين بالله تعالى وعدله وحكمته.

  وإذا عرفنا ذلك فكلام الله في كتبه السالفة أنفع وأوقع؛ فيقع الاستغناء [بذلك]⁣(⁣٢) عن البعثة المتأخرة حينئذٍ.

  قلت: وهذا الجواب ضعيف. وكلام أبي القاسم قوي.

  واحتج أبو علي: بأنه إذا كان في بعثته تأكيدٌ لِمَا في العقول وزيادةُ تنبيهٍ كانت لطفاً لنا، وما كان فيه لطف لنا وجب أن نفعله.

  وأُجيب عليه: بأنه لا طريق إلى القطع بأنَّ في بعثته تأكيداً وتنبيهاً، وإنْ جَوَّزْنَاه لم نقطع بأنه خالٍ عن مفسدةٍ معارِضةٍ للمصلحة.

  قال الإمام المهدي #: هكذا أجاب بعض أصحابنا، وهذا الجواب فيه تسليم تجويز البعثة؛ لِمَا ذكره أبو علي إذا خلت عن المفسدة وثبتت المصلحة؛ فلا يكمل هذا الجواب إلَّا بالتدريج الذي ذكرناه في احتجاج أبي هاشم.


(١) في (ب): صدق اليقين، وفي (أ): معرفة صدق اليقين.

(٢) ساقط من (أ).