(فصل:) [في وجوب معرفة أنه لا بد من رسول عقلا]
  ثم نقول: يجوز أن يكون ما جاؤوا به موافقاً للعقل ولا يكون عبثاً؛ لأن القلوب مع دعائهم وظهور المُعجز عليهم أقربُ إلى الانصراف عن قبائح العقل والالتزام لمُحسِّناته كما أنَّ للوعَّاظ هذه المزية وإن كانوا يعظون بما قضى به العقل.
  وأما قولهم: إنهم إذا جاءوا بما يُخالف العقل لم يحسُن قبوله - فنقول: لم تجئ الرسل À إلَّا بما يوافق العقل ويؤكده؛ لأنه الحجة الكبرى التي لا تُنسخ، والشرائع التي جاءت بها الرسل موافقة لحكم العقل؛ لأنها تَذَلُّلٌ وشكرٌ للمالك المنعم.
  وما [جاءوا به(١)] من نحو ذبح البهائم وتحميلها المشاق ونحو ذلك موافقٌ للعقل أيضاً؛ لِعِلْمنا أن الله سبحانه عدل حكيم لا يظلم [(ولا يجور)(٢)] ولا تجوز عليه الحاجة، فَعَلِمْنَا حينئذٍ أن الله سبحانه قد ضمن لها من المصالح والأعواض ما يزيد على مقابلة ما نالها من الألم والمشقة، مع ما أراد جل وعلا من نفع المكلفين بها والتفضل عليهم بلحومها وألبانها وأشعارها وجلودها، وفي ذلك من الحكمة والنعمة والعدل ما لا يخفى على أهل العقول؛ لأن الله سبحانه قد حكم بفناء الدنيا فجعل بعض آجال الحيوان بالذبح وجعل تحميلها المشاق كالآلام.
  وأما قولهم: «إنه يُكتفى بالوصاية عن البعثة» فليس وصي الرسول كالرسول فضلاً عن وصيِّ وصيِّه أوْ وَصِيِّ وَصِيِّ وَصِيِّ وَصِيِّ وصَّيهِ.
  وذلك معلوم من أحوال فترات الرسل وما يقع فيها من الضلال عن الحق واتباع الهوى وابتداع ما يُتَوهم كونه ديناً كالسائبة والبحيرة والحامي وغير ذلك، بخلاف أوقات الرسل، فلو كانت الوصاية كافيةً إلى آخر الدهر لَمَا انطمست شريعةٌ ولا خَفِيَ هُدَىً وَلَكَانَ الناس أمةً واحدةً غير مختلفة.
(١) في الأصل و (ب): جاء. وما أثبتناه من (أ).
(٢) ساقط من (أ، ب).