عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 47 - الجزء 2

  قلت: ويجوز الردُّ إلى السنة المظنونة عند من جوَّز العمل بخبر الآحاد مع الظن وإن كان النزاع لا يزول حينئذٍ، والله أعلم.

  (والردُّ إلى الله وإلى رسوله بغير ذلك) أي: بغير هذا التفسير الذي ذكره أمير المؤمنين ~ (غير ممكن ضرورة) أي: يُعلم عدم إمكانه بضرورة العقل، (ولا يُمكن الردُّ إلى الكتاب والسنة عند فقد النص) على الحكم المتنازع فيه (منهما) أي: من الكتاب والسنة (إلَّا بالقياس) الصحيح (وذلك معلومٌ لمن عقل، والله أعلم).

  بيانُه: أن الردَّ لشيء إلى شيءٍ ليتحد حكمهما إنما يكون مع حصول الشَّبه بينهما بالعلَّة الجامعة، وذلك حقيقة القياس.

  (و) لنا أيضاً (إجماع الصحابة عليٍّ # وغيره) على العمل بالقياس، فكانوا بين قائس وساكت سكوت رضاً، والمسألة قطعية؛ لأنها أصلٌ من أصول الشريعة؛ فلما كانت قطعية علمنا أن سكوت الساكت منهم سكوت رضاً، وإلَّا لزم أن يكون سكوتهم مُنْكَراً، بخلاف المسائل الاجتهادية.

  قال ابن الحاجب: دليل السمع على العمل بالقياس قطعي، خلافاً لأبي الحسين، ويؤكد ذلك دلالة العقل، وهو أن يُقال: إذا كلف الله بفعل فلا بُدَّ أن ينصب [لنا⁣(⁣١)] طريقاً إلى صفة ذلك التكليف من كونه واجباً أو مندوباً أو قبيحاً أو مكروهاً، فإن وُجد في الكتاب والسنة تلك الطريق فذاك، وإن لم نجدها فيهما فإن جاز أن يعرف بالقياس صفة الفعل كما يجوز أن يعرف بالنص جاز أن يكون القياس طريقاً إلى صفة ذلك الفعل. كما أنَّا نعلم أنه لا فرق بين أن ينص الله سبحانه على تحريم الخمر والنبيذ المسكر، وبين أن ينص على تحريم الخمر، وينص على أن علَّة تحريمه [السُكْرُ⁣(⁣٢)] فيلزم القياس عليه.


(١) مثبت من (أ).

(٢) في (أ، ب): الإسكار.