عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 48 - الجزء 2

  وقال علي #: (أول القضاء ما في كتاب الله، ثم ما قاله الرسول ÷، ثم ما أجمع عليه الصالحون، فإن لم يُوجد ذلك في كتاب الله تعالى ولا في السنة ولا فيما أجمع عليه الصالحون اجتهد الإمام في ذلك لا يألُ احتياطاً، واعتبر وقاس الأمور بعضها ببعض، فإذا تبين له الحق أمضاه، وللقاضي ما لإمامهم).

  قال (أئمتنا $ ومن وافقهم: فإن فقد الدليل من الثلاثة) أي: الكتاب والسنة والقياس (رجع في الحادثة) التي فقد الدليل عليها (إلى قضية العقل) أي: إلى ما قضى به العقل (من تقبيح الفعل) أي: الحكم بقبحه (أو تحسينه) أي: الحكم بحسنه، وإنما كان كذلك (لِعِلْمِنَا أن الله تعالى لم ينقل حكم العقل في تلك الحادثة)؛ إذ لو جوَّزنا نقل حكم العقل في تلك الحادثة، ولم ينصب لنا دليلاً على ذلك لكان تكليفاً لما لا يُطاق، وذلك لا يجوز عليه تعالى؛ ولهذا قال #: (وإلَّا لَوَرَدَ) أي: ولو لم يكن حكم العقل باقياً لورد ذلك الدليل الناقل (كغيره) من الأدلة الناقلة لحكم العقل.

  وقالت (المجبرة وبعض الحنفية: لا يصح ذلك) أي: الرجوع إلى قضية العقل؛ لأنه لا حكم للعقل عندهم كما مَرَّ.

  (قلنا: لا مانع) من خُلُوِ بعض الحوادث عن النص اعتماداً على دليل العقل.

  (قالوا: قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}) [الأنعام ٣٨] فدلَّ على أنه لا بُدَّ في كل حادثة من دليل خاص من أي الثلاثة.

  (قلنا:) لأن مرجعها كلها إلى الكتاب كما مرَّ و (عدم نقل حكم العقل) في تلك الحادثة (ليس بتفريط، بل جاء القرآن بتقريره) أي: تقرير حكم العقل حيث (قال تعالى): {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}) [الشمس]، أي: ألهم كل نفس ما يُزكيها وما يُدَسِّيها، وما ذاك إلا بحكم العقل الذي فطره على استقباح القبيح واستحسان الحسن، فقد دلَّ الكتاب على العمل بقضية العقل، وصدقت الآية.