(فصل:) [في المحكم والمتشابه من القرآن]
  وعلى هذا لا واسطة بين المحكم والمتشابه.
  وفي (المعيار): المُحكم الذي لم يُرَدْ به خلاف ظاهره. والمتشابه مقابله كالآيات التي ظاهرها الجبر والتشبيه.
  وعلى هذا لا يُوصف المجمل بأنه من المُحكم ولا من المتشابه. وكذلك قول من ذهب إلى أن المتشابه آيات مخصوصة: إمَّا الحروف المقطعة، أو آيات السعادة والشقاوة، أو الناسخ والمنسوخ، أو الأوامر والنواهي، أو القصص والأمثال، أو نحو ذلك.
  واعلم أن أهل السنة يجعلون ما ظاهره يوافق قواعدهم وأصولهم التي أصّلوها مُحكماً، وما خالفها متشابهاً، فيجعلون {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان ٣٠] ونحوه من المحكم، وقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف ٢٩]، ونحوه من المتشابه، ذكره الرازي في (مفاتيح الغيب).
  والحكمة في إنزال المتشابه هو الزيادة في التكليف؛ للزيادة في الثواب بسبب مشقة الفحص والتأمل وإتعاب النفس وإيثار الهدى على الهوى، وفيه تمييز الراسخ في الإيمان من المتزلزل فيه.
  قال (أئمتنا $ والمعتزلة وبعض الأشعرية: ويَعْلَمُ تأويله) أي: المتشابه الذي علينا فيه تكليف (الراسخون في العلم)؛ لوقوع الخطاب به، وذلك (بأن يحملوه على معناه الموافق للمحكم)، فيردوا نحو قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}[القيامة] إلى قوله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}[الأنعام ١٠٣]، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى في المحكم: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} أي: أصله الذي يرجع إليه ويُرَدُّ ما خالفه في الدلالة عليه.
  وقال (بعض الأشعرية وغيرهم: لا يعلمه) أي: المتشابه (إلَّا الله) كعدد