(فصل:) [القرآن كلام الله اتفاقا]
  بمخلوق. حكى ذلك كله في المحجة.
  (قلنا: يلزم) من قول الأشعرية والحشوية وجود (الثاني مع الله سبحانه) في الأزليَّة والإلهيَّة وهو محال (كما مرَّ) في مسألة نفي الثاني.
  (وإنْ سُلِّم) ما ذكروه على استحالته (فما جَعْلُ أحد القديمين) وهو كلام الله سبحانه وتعالى بزعمهم (كلاماً و) القديم (الآخر) وهو الله سبحانه وتعالى (مُتكلماً بأولى من العكس) وهو جَعْلُ الله سبحانه كلاماً والكلام مُتَكَلَّماً؛ لاشتراكهما في القدم، وإن أحدهما لم يسبق الثاني.
  (وأيضاً هو) أي: القرآن الذي هو كلام الله (مرتبٌ منظوم) أي: بعضه بعد بعض منظوم من حروف مؤلفة (وما تقدم) من الأشياء على (غيره دل على حدوث ما بعده)؛ لأن المحدث ما سبقه في الوجود غيره.
  قال العنسي: وأيضاً القرآن هو الأصوات والحروف التي تُسمع عند القراءة وهي مَّما لا يبقى وكلُّ ما لا يبقى فهو محدث؛ لما ثبت أن القديم يجب بقاؤُه لا يتغير ولا يفنى.
  قال: فإن قيل: هذا يقتضي أن القرآن غير باقٍ مع المسلمين ولا موجود مع محمد [÷(١)]؛ لأن الحروف لا تبقى، وهذا قولٌ خارج عن قول المسلمين.
  قلنا: وما تعني بقولك: إن القرآن موجود؟
  إن أردت أن عين ما أحدثه الله تعالى من الكلام باقٍ إلى الآن فذلك لا يصح لأنه أصوات وحروف، وهي من قبيل ما لا يبقى.
  وإن أردت أنَّ ما سمع عند القراءة يلزم أنْ لا يُسَّمى كلام الله ولا القرآن فقد بَيَّنَّا أن التسمية راجعة إلى عرف اللغة والشرع وقد وردا بذلك أما اللغة: فلأنهم يُسمُّون ما سُمِعَ من قصيدة امرئ القيس وخطبة أمير المؤمنين: كلام امرئ القيس وخطبة أمير المؤمنين، وإن كان العقل يقضي أن ذلك قد عدم وإنما سُمِعَ غيره.
(١) في النسخ الثلاث: #.